روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ أُوْلَـٰٓئِكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ} (101)

{ إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى } أي الخصلة المفضلة في الحسن وهي السعادة ، وقيل : التوفيق للطاعة ، والمراد من سبق ذلك تقديره في الأزل ، وقيل : الحسنى الكلمة الحسنى وهي المتضمنة للبشارة بثوابهم وشكر أعمالهم ، والمراد من سبق ذلك تقدمه في قوله تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتبون } [ الأنبياء : 94 ] وهو خلاف الظاهر ، والظاهر أن المراد من الموصول كل من اتصف بعنوان الصلة وخصوص السبب لا يخصص ، وما ذكر في بعض الآثار من تفسيره بعيسى . وعزير . والملائكة عليهم السلام فهو من الاقتصار على بعض أفراد العام حيث أنه السبب في النزول ، وينبغي أن يجعل من باب الاقتصار ما أخرجه ابن أبي شيبة . وغيره عن محمد بن حاطب عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه فسر الموصول بعثمان وأصحابه رضي الله تعالى عنهم .

وروى ابن أبي اتم . وجماعة عن النعمان بن بشير أن علياً كرم الله تعالى وجهه قرأ الآية فقال : أنا منهم وعمر منهم وعثمان متهم والزبير منهم وطلحة منهم وسعد وعبد الرحمن منهم كذا رأيته في «الدر المنثور » ، ورأيت في غيره عد العشرة المبشرة رضي الله تعالى عنهم ، والجاران متعلقان بسبقت .

وجوز أبو البقاء في الثاني كونه متعلقاً بمحذوف وقع حالاً من { الحسنى } وقوله تعالى : { أولئك } إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة ، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وبعد منزلتهم في الشرف والفضل أي أولئك المنعوتون بما ذكر من النعت الجميل { عَنْهَا } أي عن جهنم { مُبْعَدُونَ } لأنهم في الجنة وشتان بينها وبين النار .