السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰٓ أُوْلَـٰٓئِكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ} (101)

{ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } أي : الحكم بالموعدة البالغة في الحسن في الأزل ، ومنهم من ذكر سواء أضل بأحد منهم الكفار فأطروه أم لا { أولئك } أي : العالو الرتبة { عنها } أي : جهنم { مبعدون } برحمة الله تعالى لأنهم أحسنوا في العبادة واتقوا ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، وفي رواية ابن عباس «أن ابن الزبعرى لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك سكت ولم يجب ، فضحك القوم ، فنزل قوله تعالى : { ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدّون 57 وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون } [ الزخرف ، 57 ، 58 ] ، ونزل في عيسى والملائكة أن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية ، وقد أسلم ابن الزبعري بعد ذلك رضي الله تعالى عنه ، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم وادّعى جماعة أنّ المراد من الآية الأصنام ؛ لأنّ الله تعالى قال : وما تعبدون من دون الله ، ولو أراد الملائكة والناس لقال : ومن تعبدون ، يروى أن علياً رضي الله تعالى عنه قرأ هذه الآية ثم قال : أنا منهم ، وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابن الجراح ، ثم أقيمت الصلاة فقام يجرّ رداءه وهو يقول : { لا يسمعون حسيسها } .