النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

قوله عز وجل : { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } فيه وجهان :

أحدهما : يعني غافلة باللهو عن الذكر ، قاله قتادة .

الثاني : مشغلة بالباطل عن الحق ، قاله ابن شجرة ، ومنه قول امرئ القيس :

فمثلك{[1944]} حبلى قد طرقت ومرضع *** فألهيتها عن ذي تمائم محوِلِ

أي شغلتها عن ولدها .

ولبعض أصحاب الخواطر ( وجه ثالث ) : أنها غافلة عما يراد بها ومنها .

{ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ{[1945]} ظَلَمُوا } فيه وجهان :

أحدهما : ذكره ابن كامل إنهم أخفوا كلامهم الذي يتناجون به ، قاله الكلبي .

الثاني : يعني أنهم أظهروه وأعلنوه . وأسروا من الأضداد المستعملة وإن كان الأظهر في حقيقتها أن تستعمل في الإِخفاء دون الإِظهار إلا بدليل .

{ هَلْ هَذَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } إنكاراً منهم لتميزه عنهم بالنبوة .

{ أَفَتأتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } ويحتمل وجهين :

أحدهما : أفتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر .

الثاني : أفتعدلون إلى الباطل وأنتم تعرفون الحق .


[1944]:فمثلك بالجر كأنه قال: قرب مثلك: والطروق: القدوم ليلا أي أنه ألهاها عن طفلها الذي علقت على رأسه تمائم وهو لم يتجاوز الحول من عمره.
[1945]:أجاز الأخفش أن يكون "الذين" فاعل أسروا وذلك على لغة أكلوني البراغيث.