النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (14)

{ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً } العلقة الدم الطري الذي خلق من النطفة سُمّيَ علقة لأنه أول أحوال العلوق .

{ فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً } وهي قدر ما يمضغ من اللحم .

{ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمَاً } وإنما بين الله أن الإِنسان تنتقل أحوال خلقه ليعلم نعمته عليه وحكمته فيه ، وإن بعثه بعد الموت حياً أهون من إنشائه ولم يكن شيئاً .

{ ثُمَّ أَنشَأنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : يعني بنفخ الروح فيه ، وهذا قول ابن عباس والكلبي .

والثاني : بنبات الشعر ، وهذا قول قتادة .

والثالث : أنه ذكر أو أنثى ، وهذا قول الحسن .

والرابع : حين استوى به شبابه ، وهذا قول مجاهد .

ويحتمل وجهاً خامساً : أنه بالعقل والتمييز .

روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه لما نزلت هذه الآية إلى قوله : { ثَمَّ أَنشَأنَاهُ خَلْقَاً آخَرَ } قال عمر بن الخطاب : فتبارك الله أحسن الخالقين ، فنزلت : { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } .