النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ نَرَىٰ رَبَّنَاۗ لَقَدِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ وَعَتَوۡ عُتُوّٗا كَبِيرٗا} (21)

قوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءِنَا } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : لا يخافون ولا يخشون ، قاله السدي ومنه قول الشاعر :

إذا لسعته النحل لم يرج لسعها *** وخالفها في بيت نوب عوامل{[2083]}

أي لم يخش . الثاني : لا يبالون ، قاله ابن عمير وأنشد لخبيب .

لعمرك ما أرجو إذا كنت مسلماً *** على أي حال كان في الله مصرعي

أي ما أبالي .

الثالث : لا يأملون حكاه ابن شجرة وأنشد قول الشاعر :

أترجو أمّة قتلت حسينا *** شفاعة جَدِّه يوم الحسابِ

{ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلاَئِكَةُ } فيه قولان :

أحدهما : ليخبرونا أن محمداً نبي قاله يحيى بن سلام .

الثاني : ليكونوا رسلاً إلينا من ربهم بدلاً من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .

{ أَوْ نَرَى رَبَّنَا } فيأمرنا بإتباع محمد وتصديقه .

{ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِم } فيه وجهان :

أحدهما : تكبروا في أنفسهم لما قل في أعينهم من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم نبياً إليهم .

الثاني : استكبروا في أنفسهم بما اقترحوه من رؤية الله ونزول الملائكة عليهم .

{ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً } فيه خمسة أوجه :

أحدها : أنه التجبر ، قاله عكرمة .

الثاني : العصيان ، قاله يحيى بن سلام .

الثالث : أنه السرف في الظلم ، حكاه ابن عيسى .

الرابع : أنه الغلو في القول ، حكاه النقاش .

الخامس : أنه شدة الكفر ، قاله ابن عباس .

قيل إن هذه الآية نزلت في عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ومكرز بن حفص بن الأخنف في جماعة من قريش قالوا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا .

فنزل فيهم قوله تعالى :


[2083]:البيت لأبي ذؤيب الهذلي ومعنى خالفها جاء إلى عسلها وهي غائبة ونوب عوامل نحل تعمل العسل.