معاني القرآن للفراء - الفراء  
{۞وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ نَرَىٰ رَبَّنَاۗ لَقَدِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ وَعَتَوۡ عُتُوّٗا كَبِيرٗا} (21)

وقوله : { لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنا21 }

لا يخافون لقاءنا وهي لغة تِهاميّة : يضعونَ الرجاء في موضع الخوف إذا كان معه جحدٌ . من ذلكَ قوله { ما لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ للهِ وقاراً } أي لا تخافون له عظمةً . وأنشدني بعضهم :

لا ترتجى حينَ تلاقى الذائدا *** أسَبْعةً لاقَتْ مَعاً أم وَاحِداً

يريد : لا تخاف ولا تبالي . وقال الآخر :

إذا لسعته النحل لم يَرْجُ لَسْعَها *** وَحالفَها في بيتِ نُوب عَوَامِلِ

يقال : نَوْب ونُوب . ويقال : أَوْب وأُوب من الرجوع قال الفراء : والنُوب ذكر النحل .

وقوله { وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً } جاء العُتوُّ بالواو لأنه مصدر مصرّح . وقال في مريم { أيُّهُمْ أَشَدُّ على الرحمن عِتِيّاً } فَمَنْ جَعَلَهُ بالواو كان مصدراً محضا . ومن جعله باليَاء قال : عات وعُتِيّ فلما جَمَعُوا بُني جَمْعهم على واحدهم . وجَاز أن يكون المصدر باليَاء أيضاً لأن المصْدر والأسماء تتّفق في هَذا المعنى : ألا ترى أَنهم يقولون : قاعد وقوم قعود ، وقعدت قعوداً . فلما استويا ها هُنا في القُعُود لم يبالوا أن يستويا في العُتو والعتيّ .