تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ نَرَىٰ رَبَّنَاۗ لَقَدِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ وَعَتَوۡ عُتُوّٗا كَبِيرٗا} (21)

[ الآية 21 ] وقوله تعالى : { وقال الذين لا يرجون لقاءنا } قال أهل التأويل : { لا يرجون } لا يخافون ، ولا يخشون { لقاءنا } أي البعث بعد الموت .

وقال أهل الكلام : الرجاء ، هو الرجاء لا الخوف . لكن جائز أن يكون في الرجاء خوف ، وفي الخوف رجاء ، لأن الرجاء الذي لا خوف فيه ، هو أمن ، والخوف الذي ، لا رجاء فيه ، إياس ؛ فكلاهما مذمومان : الإياس والأمن جميعا .

وقوله تعالى : { لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا } جائز أن يكون قولهم : { لولا أنزل علينا الملائكة } رسلا دون أن أنزل البشر رسلا إلينا لإنكارهم البشر رسلا كقولهم : ما هذا إلا بشر مثلكم } [ المؤمنون : 24 و33 ] .

ويحتمل قولهم : { لولا أنزل علينا الملائكة } الوحي والرسالة لنا دونك ، ونحن الرؤساء والملوك والقادة دونك ؛ يقولون : لو كان ما تقول حقا وصدقا : إنك رسول ، وإنه ينزل عليك الوحي والملك ، فنحن أولى بالرسالة منك ؛ إذ نحن الملوك والرؤساء كقولهم : { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } [ الزخرف : 31 ] وأمثال هذا لإنكارهم الرسالة لمن هو دونهم في الدنياوية ، أو أن يكون ذلك كقولهم : { لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا } [ الفرقان : 7 ] أو يكون له شاهدا أنه رسول .

[ وقوله تعالى ]{[14381]} : { أو نرى ربنا } عيانا ، ونكلمه ، ونسأله ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { لقد استكبروا في أنفسهم } الاستكبار ، هو ألا يرى [ المرء ]{[14382]} غيره مثلا له ولا عدلا ولا شكلا في نفسه وأمره . فإن كان هذا فهو ما لم يروا رسول الله أهلا للرسالة وموضعا لصغر يده وحاجته ، ورأوا أنفسهم أهلا لها . فاستكبارهم ، هو ما لم يروا غيرهم{[14383]} مثلا ولا شكلا لأنفسهم .

فاستكبروا ، ولم يخضعوا لرسول الله ، ولم شكلا لأنفسهم .

فاستكبروا ، ولم يخضعوا لرسول الله ، ولم يطيعوه ، ولم يتبعوه أنفا منه بعد علمهم أنه نجز لذلك ، وأنه رسول إليهم . وقوله تعالى : { وعتو عتوا كبيرا } قال بعضهم : العتو هو الحرادة ، وهو أشد من الاستكبار . وقال بعضهم : العتو هو الغلو في القول غلوا شديدا . وقال بعضهم : هو من التكبر .


[14381]:- ساقطة من الأصل وم.
[14382]:- ساقطة من الأصل وم.
[14383]:- في الأصل وم: وغيره.