النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابٗا يَبۡحَثُ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُرِيَهُۥ كَيۡفَ يُوَٰرِي سَوۡءَةَ أَخِيهِۚ قَالَ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَٰذَا ٱلۡغُرَابِ فَأُوَٰرِيَ سَوۡءَةَ أَخِيۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ} (31)

قوله تعالى : { فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ } فيه تأويلان :

أحدهما : يعني عورة أخيه .

والثاني : جيفة أخيه لأنه تركه حتى أنتن ، فقيل لجيفته سوأة .

وفي الغراب المبعوث قولان :

أحدهما :أنه كان ملكاً على صورة الغراب ، فبحث الأرض على سوأة أخيه حتى عرف كيف يدفنه .

والثاني : أنه كان غراباً بحث الأرض على غراب آخر .

{ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخَي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ } قيل إنه ندم على غير الوجه الذي تصح منه التوبة ، فلذلك لم تقبل منه ، ولو ندم على الوجه الصحيح لقبلت توبته .

وروى معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إِنَّ ابْنَي آدَمَ ضَرَبَ مَثَلاً لِهَذِهِ الأَمَّةِ ، فَخُذُوا مِنْ خَيرِهِمَا ، وَدَعُوا شَرَّهُمَا " .