السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞فَلَآ أُقۡسِمُ بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ} (75)

ولما كان المقام للعظمة قال الله تعالى : { العظيم } أي : الذي ملأ الأكوان كلها عظمة فلا شيء منها إلا وهو مملوء بعظمته تنزيهاً عن أن يلحقه شائبة نقص أو يفوته شيء من كمال ، فالعظيم صفة للاسم أو الرب ، والاسم قيل : بمعنى الذات وقيل : زائد أي : فسبح ربك واختلف في «لا » في قوله تعالى : { فلا أقسم } فقال أكثر المفسرين : معناه فاقسم ولا صلة مؤكدة بدليل قوله تعالى بعد ذلك : { وإنه لقسم } ومثلها في قوله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } [ الحديد : 29 ] والتقدير : ليعلم وقال بعضهم أنها حرف نفي وإنّ المنفي بها محذوف وهو كلام الكافر الجاهل والتقدير فلا حجة بما يقوله الكافر ؛ ثم ابتدأ قسماً بما ذكر وضعف هذا بأنّ فيه حذف اسم لا وخبرها قال أبو حيان : ولا ينبغي فإنّ القائل بذلك مثل سعيد بن جبير تلميذ حبر القرآن وهو عبد الله بن عباس ، ويبعد أن يقول سعيد إلا بتوقيف ، وقال بعضهم : إنها لام الابتداء والأصل : فلأقسم فأشبعت الفتحة فتولد منها ألف كقول بعضهم : أعوذ بالله من العقراب قال الزمخشري : ولا يصح أن تكون اللام لام القسم لأمرين : أحدهما : أن حقها أن تقرن بها النون المؤكدة والإخلال بها ضعيف قبيح ، والثاني : أن لأفعلنّ في جواب القسم للاستقبال وفعل القسم يجب أن يكون للحال .

واختلف أيضاً في معنى قوله عز وجلّ : { بمواقع النجوم } فقال أكثر المفسرين : بمساقطها لغروبها ، قال الزمخشري : ولعل الله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالاً عظيمة مخصوصة وللملائكة عبادات موصوفة ، أو لأنه وقت قيام المجتهدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين ونزول الرحمة والرضوان عليهم ، فلذلك أقسم بمواقعها واستعظم ذلك بقوله تعالى : { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم }