النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لَا يَزَالُ بُنۡيَٰنُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوۡاْ رِيبَةٗ فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَّآ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (110)

قوله عز وجل : { لاَ يََزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ } يعني مسجد الضرار .

{ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِم } فيه قولان :

أحدهما : أن الريبة فيها عند بنائه .

الثاني : أن الريبة عند هدمه .

فإن قيل بالأول ففي الريبة التي في قلوبهم وجهان :

أحدهما : غطاء على قلوبهم ، قاله حبيب بن أبي ثابت .

الثاني : أنه شك في قلوبهم ، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك ، ومنه قول النابغة الذبياني :

حَلَفْتُ فلم أترك لنَفْسِكَ ريبة *** وليس وراءَ الله للمرءِ مذهب

ويحتمل وجهاً ثالثاً : أن تكون الريبة ما أضمروه من الإضرار برسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين .

وإن قيل بالثاني أن الريبة بعد هدمه ففيها وجهان :

أحدهما : أنها حزازة في قلوبهم ، قاله السدي .

الثاني : ندامة في قلوبهم ، قاله حمزة .

ويحتمل وجهاً ثالثاً : أن تكون الريبة الخوف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين .

{ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : إلا أن يموتوا ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك .

الثاني : إلا أن يتوبوا ، قاله سفيان .

الثالث : إلا أن تقطع قلوبهم في قبورهم ، قاله عكرمة . وكان أصحاب ابن مسعود يقرأُونها :{ وَلَوْ تَقَطَّعَتْ قُلُوبُهُمْ } .