المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

25- وهزي النخلة نحوك يتساقط عليك الرطب الطيب{[124]} .


[124]:{وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} ثبت أن البلح الرطب يحتوي علي المواد الغذائية الرئيسية في صورة مركزة سهلة الهضم وأنه بذلك يناسب النفساء.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

ثم أمر بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع ، وقالت فرقة بل كانت النخلة مطعمة { رطباً } ، وقال السدي كان الجذع مقطوعاً وأجرى النهر تحتها لحينه ، والظاهر من الآية أن عيسى هو المكلم لها وأن الجذع كان يابساً وعلى هذا تكون آيات تسليها وتسكن إليها . والباء في قوله { بجذع } زائدة مؤكدة قال أبو علي : كما يقال ألقى بيده أي ألقى يده .

قال القاضي أبو محمد : وفي هذا المثال عندي نظر ، وأنشد الطبري : [ الطويل ]

بواد يمان ينبت السدر صدره . . . وأسفله بالمزج والشبهان{[7938]}

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمر وابن عامر والكسائي وابو بكر عن عاصم والجمهور من الناس «تَسّاقط » بفتح التاء وشد السين يريد { النخلة } ، وقرأ البراء بن عازب والأعمش «يساقط » بالياء يريد «الجذع » ، وقرأ حمزة وحده «تَسَاقط » بفتح التاء وتخفيف السين ، وهي قراءة مسروق وابن وثاب وطلحة وأبي عمرو بخلاف ، وقرأت فرقة «يساقط » بالياء على ما تقدم من إدارة { النخلة } أو «الجذع » . وقرأ عاصم في رواية حفص «تُسَاقط » بضم التاء وتخفيف السين ، وقرأت فرقة «يساقط » بالياء ، وقرأ أبو حيوة «يسقط » بالياء ، وروي عنه «يُسقط » بضم الياء وقرأ أيضاً «تسقط » وحكى أبو علي في الحجة أنه قرئ «يتساقط » بباء وتاء ، وروي عن مسروق «تُسقِط » بضم التاء وكسر القاف ، وكذلك عن أبي حيوة ، وقرأ أبو حيوة أيضاً «يسقُط » بفتح الياء وضم القاف ، «رطب جني » بالرفع ، ونصب { رطباً } يختلف بحسب معاني القراءات المذكورة ، فمرة يسند الفعل الى الجذع ومرة الى الهز ، ومرة الى { النخلة } و { جنياً } معناه قد طابت وصلحت للاجتناء ، وهو من جنيت الثمرة . وقرأ طلحة بن سليمان{[7939]} «جِنياً » بكسر الجيم ، وقال عمرو بن ميمون : ليس شيء للنفساء خيراً من التمر والرطب ، وقال محمد بن كعب : كان رطب عجوة ، وقد استدل بعض الناس من هذه الآية على أن الرزق وإن كان محتوماً فإن الله تعالى قد وكل ابن آدم الى سعي ما فيه لأنه أمرت مريم بهز الجذع لترى آية ، وكانت الآية تكون بأن لا تهز هي . وحكى الطبري عن ابن زيد أنه قال «قال لها عيسى : لا تحزني ، فقالت وكيف لا أحزن وأنت معي لا ذات زوج ولا مملوكة أي شيء عذري عند الناس { يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً } [ مريم : 23 ] ، فقال لها عيسى : أنا أكفيك الكلام »{[7940]} .


[7938]:البيت في التاج واللسان (شبه)، وقد نقلا عن ابن دريد أنه لرجل من عبد القيس، ونقلا عن ابن بري أن أبا عبيدة قال: "البيت للأحول اليشكري، واسمه يعلى ". أما السدر فهو شجر النبق، والمفرد: سدرة، والمرخ: شجر سريع الوري كثيرة، والشهبان ـ ويقال أيضا الشبهان بضم الشين والباء ـ: نبت يشبه الثمام، أو هو الثمام ـ والثمام: عشب من الفصيلة النجيلية يرتفع إلى مائة وخمسين سنتمترا، فروعه مزدحمة متجمعة، والنورة سنبلة مدلاة، ومنه الثمام السنبلي وهو الدخن كما يسمى في السودان ـ يقول الشاعر: إن هذا الوادي ينبت الأصناف الثلاثة: السدر، والمرخ، والشبهان، لكن السدر ينبت في أعلاه، أما المرخ والشبهان فينبتان في أسفله المرخ. وقال في اللسان: "وإن شئت قدرته: وينبت أسفله بالمرخ، فتكون الباء للتعدية لما قدرت الفعل ثلاثيا". هذا وقد قال ابن بري وحكاه في اللسان: "إن الشبه كالسمر كثير الشوك".
[7939]:في الأصل: "وقرأ طلحة ابن سليم"، والتصويب عن كتب التفسير والقراءات.
[7940]:ما بين العلامتين [......] هو تتمة الخبر، وقد أخذناه عن المصدر الأصلي الذي ذكره المؤلف وهوالطبري.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَهُزِّيٓ إِلَيۡكِ بِجِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ تُسَٰقِطۡ عَلَيۡكِ رُطَبٗا جَنِيّٗا} (25)

فائدة قوله { وَهُزِي إليْكِ بِجِذْعِ } أن يكون إثمار الجذع اليابس رُطباً ببركة تحريكها إياه ، وتلك كرامة أخرى لها . ولتشاهد بعينها كيف يُثمر الجذع اليابس رطباً . وفي ذلك كرامة لها بقوّة يقينها بمرتبتها .

والباء في { بِجِذْعِ النَّخْلَةِ } لتوكيد لصوق الفعل بمفعوله مثل { وامسحوا برؤوسكم } [ المائدة : 6 ] وقوله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ البقرة : 195 ] .

وضمن { وَهُزي } معنى قَرّبي أو أدني ، فعُدي ب ( إلى ) ، أي حرّكي جذع النخلة وقرّبيه يَدْنُ إليك ويَلِنْ بعد اليبس ويُسقط عليك رطباً .

والمعنى : أدني إلى نفسك جِذع النخلة . فكان فاعل الفعل ومتعلقه متحداً ، وكلاهما ضميرُ معادٍ واحد ، ولا ضير في ذلك لصحة المعنى وورود أمثاله في الاستعمال نحو { واضمم إليك جناحك } [ القصص : 32 ] . فالضامّ والمضموم إليه واحد . وإنما منَع النحاة أن يكون الفاعل والمفعول ضميري معاد واحد إلاّ في أفعال القلوب ، وفي فعلي : عَدِم وفَقَد ، لعدم سماع ذلك ، لا لفساد المعنى ، فلا يقاس على ذلك منع غيره .

والرطب : تمر لم يتم جفافه .

والجَنيّ : فعيل بمعنى مفعول ، أي مجتنى ، وهو كناية عن حَدثان سقوطه ، أي عن طراوته ولم يكن من الرطب المخبوء من قبل لأن الرطب متى كان أقرب عهداً بنخلته كان أطيب طعماً .

و { تَسَّاقط } قرأه الجمهور بفتح التاء وتشديد السين أصله تتساقط بتاءين أدغمت التاء الثانية في السين ليتأتى التخفيف بالإدغام .

وقرأه حمزة بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين للتخفيف . و { رُطَبَاً } على هاته القراءات تمييز لنسبة التساقط إلى النخلة .

وقرأه حفص بضم التاء وكسر السين على أنه مضارع سَاقَطَت النخلة تمرَها ، مبالغة في أسقطت و { رُطَباً } مفعول به .

وقرأه يعقوب بياء تحتية مفتوحة وفتح القاف وتشديد السين فيكون الضمير المستتر عائداً إلى { جِذْع النَّخْلةِ } .