قوله تعالى : { ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } ، أي : على حكمه وقضائه ، ومسألته ، وقيل : عرضوا على ربهم .
قوله تعالى : { قال } ، لهم وقيل : تقول لهم الخزنة بأمر الله .
قوله تعالى : { أليس هذا بالحق } يعني : أليس هذا البعث والعذاب بالحق ؟
قوله تعالى : { قالوا بلى وربنا } ، إنه حق ، قال ابن عباس : هذا في موقف ، وقولهم : { والله ربنا ما كنا مشركين } في موقف آخر ، وفي القيامة مواقف . ففي موقف يقرون ، وفي موقف ينكرون .
وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ( 30 )
وقوله تعالى : { ولو ترى إذ وقفوا } الآية ، بمعنى ولو ترى إذ وقفوا كما تقدم آنفاً من حذف جواب { لو } وقوله : { على ربهم } معناه على حكمه وأمره ، ففي الكلام ولا بد حذف مضاف{[4884]} ، وقوله : { هذا } إشارة إلى البعث الذي كذبوا به في الدنيا ، و { بلى } هي التي تقتضي الإقرار بما استفهم عنه منفياً ولا تقتضي نفيه وجحده ، ونعم تصلح للإقرار به ، كما ورد ذلك في قول الأنصار للنبي عليه السلام حين عاتبهم في الحظيرة عقب غزوة حنين{[4885]} وتصلح أيضاً نعم لجحده ، فلذلك لا تستعمل{[4886]} وأما قول الزجاج وغيره : إنها إنما تقتضي جحده وأنهم لو قالوا نعم عند قوله : { ألست بربكم } لكفروا فقول خطأ والله المستعان ، وقولهم : بلى وربك إيمان ، ولكنه حين لا ينفع ، وقوله : { ذوقوا } استعارة بليغة ، والمعنى باشروه مباشرة الذائق إذ هي من أشد المباشرات .
لمّا ذكر إنكارهم البعث أعقبه بوصف حالهم حين يحشرون إلى الله ، وهن حال البعث الذي أنكروه .
والقول في الخطاب وفي معنى { وقفوا } وفي جواب { لو } تقدّم في نظريتها آنفاً . وتعليق { على ربّهم } بِ { وقفوا } تمثيل لحضورهم المحشر عند البعث . شبّهت حالهم في الحضور للحساب بحال عبد جنى فقُبض عليه فوُقف بين يدي ربّه . وبذلك تظهر مزية التعبير بلفظ { ربّهم } دون اسم الجلالة .
وجملة : { قال أليس هذا بالحقّ } استئناف بياني ، لأنّ قوله : { ولو ترى إذ وقفوا } قد آذن بمشهد عظيم مهول فكان من حقّ السامع أن يسأل : ماذا لقوا من ربّهم ، فيجاب : { قال أليس هذا بالحقّ } الآية .
والإشارة إلى البعث الذي عاينوه وشاهدوه . والاستفهام تقريري دخل على نفي الأمر المقرّر به لاختبار مقدار إقرار المسؤول ، فلذلك يُسأل عن نفي ما هو واقع لأنّه إن كان له مطمع في الإنكار تذرّع إليه بالنفي الواقع في سؤال المقرِّر . والمقصود : أهذا حقّ ، فإنّهم كانوا يزعمونه باطلاً . ولذلك أجابوا بالحرف الموضوع لإبطال ما قبله وهو { بَلَى } فهو يُبطل النفي فهو إقرار بوقوع المنى ، أي بلى هو حقّ ، وأكّدوا ذلك بالقسم تحقيقاً لاعترافهم للمعترف به لأنّه معلوم لله تعالى ، أي نقِرّ ولا نشكّ فيه فلذلك نقسم عليه . وهذا من استعمال القسم لتأكيد لازم فائدة الخبر .
وفُصل { قال فذوقوا العذاب } على طريقة فصل المحاورات . والفاء للتفريع عن كلامهم ، أو فاء فصيحة ، أي إذ كان هذا الحقّ فذوقوا العذاب على كفركم ، أي بالبعث . والباء سببية ، و« ما » مصدرية ، أي بسبب كفركم ، أي بهذا . وذوْق العذاب استعارة لإحساسه ، لأنّ الذوق أقوى الحواسّ المباشرة للجسم ، فشبّه به إحساس الجلد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.