تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (30)

التفسير :

30- ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق . . . الآية .

تتوالى مشاهد القيامة على هؤلاء المكذبين ، فمن مشهد الحشر والمحاكمة ، إلى مشهد الوقوف على النار وهنا مشهد الوقوف على أمر ربهم فيهم . فهو المالك المتصرف في ذلك اليوم .

والمعنى : ولو ترى – أيها المتأمل – هؤلاء المعاندين المكذبين ، وقد حبسوا على ما يكون من قضاء ربهم فيهم ، لهالك أمرهم ولرأيت ما لا يحيط به نطاق الكلام .

وجعلهم موقوفين على ربهم ، لأن من تقفهم الملائكة ، وتحبسهم في موقف الحساب امتثالا لأمر الله فيهم كما قال تعالى : وقفوهم إنهم مسؤولون ( الصافات : 24 ) . يكون أمرهم مقصورا على الله ، حيث لا سلطان فيه لغيره عز وجل : يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله . ( الانفطار : 19 ) .

فهم وقد انتهى بهم الموقف إلى ما هم فيه من بلاء ، لا يقتصر أمرهم على ذلك ، بل يسألون سؤال تأنيب وتبكيت : أليس هذا بالحق . أي أليس هذا البعث الذي تنكرونه كائنا موجودا ، وهذا الجزاء الذي تجدونه حاضرا ؟

قالوا بلى وربنا . قالوا بلى . أي ما نحن فيه من الشدائد والأهوال حق نستحقه ولا شك فيه ، وهكذا اعترفوا بما أنكروا وأكدوا اعترافهم بالقسم .

قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون . أي فباشروا العذاب ، وانغمسوا في آلامه وأهواله بسبب كفركم الذي كنتم مصرين عليه دائبين فيه .

والذوق هنا كناية عن الإحساس الشديد بالعذاب بعد أن وقعوا فيه .