غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (30)

25

ثم لما قرر إنكارهم كشف عن حالهم يوم القيامة فقال { ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } تمسك بعض المشبهة بهذا على أنه تعالى يحضر تارة ويغيب أخرى ، ورد بأن استعلاء شيء على ذات الله تعالى محال بالاتفاق فوجب تأويل الآية بأنه مجاز عن الحبس للتوبيخ والسؤال كما يوقف العبد الجاني بين يدي مولاه للعتاب ، أو المضاف محذوف أي على جزاء ربهم أو وعده أو إخباره بثواب المؤمنين وعقاب الكافرين ، أو هو من قولك : وقفته على كذا أي أطلعته عليه . ثم كان لسائل أن يقول : ماذا قال لهم ربهم إذ وقفوا عليه ؟ فأجيب { قال أليس هذا } الذي عاينتموه من حديث البعث والجزاء { بالحق } الذي حدثتموه ؟ { قالوا بلى وربنا } وفيه دليل على أن حالهم في الإنكار سيؤول إلى الإقرار ، ثم كأنه سئل ماذا قيل لهم بعد الإقرار ؟ فأجيب { قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } أي بسبب كفركم وذلك ليعلم أن الإقرار في غير دار التكليف لا ينفع ، وذلك أن جوهر النفس اللطيفة القدسية بعث إلى هذا العالم الجسماني الكثيف وأعطى الآلات الجسمانية لتحصيل المعارف اليقينية والأخلاق الفاضلة التي تعظم منافعها بعد الموت . فإذا استعملها الإنسان بناء على اعتقاد عدم المعاد في تحصيل اللذات الفانية والسعادات المنقطعة إلى أن ينقضي أجله فقد ضاع رأس المال ولا ربح وذلك قوله .

/خ37