المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

9- وعلى اللَّه بمقتضى فضله ورحمته أن يُبيِّن لكم الطريق المستقيم الذي يوصلكم إلى الخير ومن الطريق ما هو مائل منحرف لا يوصل إلى الحق ، ولو شاء هدايتكم جميعا لهداكم وحملكم على الطريق المستقيم ، ولكنه خلق لكم عقولا تدرك ، وإرادة توجه . وترككم لاختياركم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

قوله تعالى : { وعلى الله قصد السبيل } يعني : بيان طريق الهدى من الضلالة . وقيل : بيان الحق بالآيات والبراهين والقصد الصراط المستقيم . { ومنها جائر } يعني : ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج ، فالقصد من السبيل : دين الإسلام ، والجائر منها : اليهودية ، والنصرانية ، وسائر ملل الكفر . قال جابر بن عبد الله { قصد السبيل } : بيان الشرائع والفرائض . وقال عبد الله بن المبارك ، وسهل بن عبد الله : قصد السبيل السنة ، { ومنها جائر } الأهواء والبدع ، دليله قوله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل } [ الأنعام-153 ] . { ولو شاء لهداكم أجمعين } ، نظيره قوله تعالى : { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } [ السجدة-13 ] .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يُسَار عليه في السبل الحسية ، نبه على الطرق المعنوية الدينية ، وكثيرًا ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسية إلى الأمور المعنوية النافعة الدينية ، كما قال تعالى : { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } [ البقرة : 197 ] ، وقال : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26 ] .

ولما ذكر في هذه السورة الحيوانات من الأنعام وغيرها ، التي يركبونها{[16339]} ويبلغون عليها حاجة في صدورهم ، وتحمل أثقالهم إلى البلاد والأماكن البعيدة والأسفار الشاقة - شرع في ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليه ، فبين أن الحق منها ما هي موصلة إليه ، فقال : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ } كما قال : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } [ الأنعام : 153 ] ، وقال : { هَذَا{[16340]} صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ } [ الحجر : 41 ] .

قال مجاهد : في [ قوله ]{[16341]} : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ } قال : طريق الحق على الله .

وقال السدي : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ } قال : الإسلام .

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ } يقول : وعلى الله البيان ، أي : تبين{[16342]} الهدى والضلال{[16343]} .

وكذا روى علي بن أبي طلحة ، عنه ، وكذا قال قتادة ، والضحاك . وقولُ مجاهد هاهنا أقوى من حيث السياق ؛ لأنه تعالى أخبر أن ثم طرقًا تسلك إليه ، فليس يصل إليه منها إلا طريقُ الحق ، وهي الطريق{[16344]} التي شَرَعها ورضيها وما عداها مسدودة{[16345]} ، والأعمال فيها مردودة ؛ ولهذا قال تعالى : { وَمِنْهَا جَائِرٌ } أي : حائد{[16346]} مائل زائغ عن الحق .

قال ابن عباس وغيره : هي الطرق المختلفة ، والآراء والأهواء المتفرقة ، كاليهودية والنصرانية والمجوسية ، وقرأ ابن مسعود : " ومنكم جائر " .

ثم أخبر أن ذلك كله كائن عن قدرته ومشيئته ، فقال : { وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } كما قال : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا } [ يونس : 99 ] ، وقال : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 118 ، 119 ] .


[16339]:في ت: "تركبونها".
[16340]:في ف: "وقال: قال هذا".
[16341]:زيادة من ت، ف، أ.
[16342]:في ت، ف: "يبين".
[16343]:في ت، ف: "الضلالة".
[16344]:في ت: "الطرق".
[16345]:في أ: "مسدود".
[16346]:في ت: "جائر".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

{ وعلى الله قصد السبيل } بيان مستقبل الطريق الموصل إلى الحق ، أو إقامة السبيل وتعديلها رحمة وفضلا ، أو عليه قصد السبيل يصل إليه من يسلكه لا محالة يقال سبيل قصد وقاصد أي مستقيم ، كأنه يقصد الوجه الذي يقصده السالك لا يميل عنه ، والمراد من { السبيل } الجنس ولذلك أضاف إليه ال { قصد } وقال : { ومنها جائز } حائد عن القصد أو عن الله ، وتغيير الأسلوب لأنه ليس بحق على الله تعالى أن يبين طرق الضلالة ، أو لأن المقصود بيان سبيله وتقسيم السبيل إلى القصد والجائر إنما جاء بالعرض . وقرئ و " منكم جائر " أي عن القصد . { ولو شاء } الله { لهداكم أجمعين } أي ولو شاء هدايتكم أجمعين لهداكم إلى قصد السبيل هداية مستلزمة للاهتداء .