المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۭ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا} (41)

41- فكيف يكون حال هؤلاء الباخلين والمُعْرضين عمَّا أمر الله به إذا جئنا يوم القيامة بكل نبي شهيداً على قومه ، وجئنا بك - يا أيها النبي - شهيداً على قومك وفيهم المانعون والمعرضون ؟ .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۭ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا} (41)

قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } .

أي : فكيف الحال ، وكيف يصنعون ، إذا جئنا من كل أمة بشهيد ، يعني : بنبيها يشهد عليهم بما عملوا .

قوله تعالى : { وجئنا بك } . ، يا محمد .

قوله تعالى : { على هؤلاء شهيداً } . شاهداً يشهد على جميع الأمة ، على من رآه وعلى من لم يره .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا محمد بن يوسف ، أنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأ علي " ، قلت : يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : نعم ، فقرأت سورة النساء ، حتى إذا أتيت هذه الآية { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } قال حسبك الآن ، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۭ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا} (41)

وقوله : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } يقول تعالى - مخبرًا عن هول يوم القيامة وشدة أمره وشأنه : فكيف يكون الأمر والحال يوم القيامة وحين{[7515]} يجيء من كل أمة بشهيد - يعني الأنبياء عليهم السلام ؟ كما قال تعالى : { وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ [ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ]{[7516]} } [ الزمر : 69 ] وقال تعالى : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ وَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ]{[7517]} } [ النحل : 89 ] .

قال البخاري : حدثنا محمد بن يُوسُفَ ، حدثنا سفيانُ ، عن الأعْمَشِ ، عن إبراهيمَ ، عن عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم " اقرأ علي " قلت : يا رسول الله ، أقرأ عليك وعليك أُنزلَ ؟ قال : " نعم ، إني أحب أن أسمعه من غيري " فقرأت سورة النساء ، حتى أتيت إلى هذه الآية : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } قال : " حسبك الآن " فإذا عيناه تَذْرِفَان .

ورواه هو ومسلم أيضًا من حديث الأعمش ، به{[7518]} وقد رُوي من طرق متعددة عن ابن مسعود ، فهو مقطوع به عنه . ورواه أحمد من طريق أبي حيان ، وأبي رَزِين ، عنه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو{[7519]} بكر بن أبي الدنيا ، حدثنا الصَّلْتُ بنُ مَسْعُود الجَحْدَري ، حدثنا فُضَيْلُ بن سُلَيْمَانَ ، حدثنا يونُس بنُ محمد بن فضَالَة الأنصاري ، عن أبيه قال - وكان أبي ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في بني ظَفَر ، فجلس على الصخرة التي في بني ظفر اليوم ، ومعه ابن مسعود ومعاذ بن جبل وناس من أصحابه ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم قارئا فقرأ ، فأتى على هذه الآية : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اضطرب{[7520]} لحياه وجنباه ، فقال : " يا رب هذا شهدتُ على من أنا بين ظهريه ، فكيف بمن لم أره ؟ " {[7521]} .

وقال ابن جرير : حدثني عبد الله بن محمد الزهري ، حدثنا سفيان ، عن المسعودي ، عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه عن عبد الله - هو ابن مسعود - { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " شهيد عليهم ما دمت فيهم ، فإذا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم " .

وأما ما ذكره أبو عبد الله القُرْطُبي في " التذكرة " {[7522]} حيث قال : باب{[7523]} ما جاء في شهادة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته : قال : أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا رجل من الأنصار ، عن المِنْهَال بنِ عمرٍو ، حدثه أنه سمع سعيد بن المُسَيَّبِ يقول : ليس من يوم إلا تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أمته غُدْوة وعَشيّة ، فيعرفهم بأسمائهم{[7524]} وأعمالهم ، فلذلك يشهد عليهم ، يقول الله تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } فإنه أثر ، وفيه انقطاع ، فإن فيه رجلا مبهما لم يسم ، وهو من كلام سعيد بن المسيب لم يرفعه . وقد قبله القرطبي فقال بعد إيراده : [ قد تقدم ]{[7525]} أن الأعمال تعرض على الله كل يوم اثنين وخميس ، وعلى الأنبياء والآباء والأمهات يوم الجُمُعة . قال : ولا تعارض ، فإنه يحتمل أن يخص نبينا بما يعرض عليه كل يوم ، ويوم الجمعة مع الأنبياء ، عليهم السلام .


[7515]:في ر: "حين".
[7516]:زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية"
[7517]:زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
[7518]:صحيح البخاري برقم (5050) وصحيح مسلم برقم (800).
[7519]:في ر: "أبي" وهو خطأ.
[7520]:في ر: "ضرب".
[7521]:ورواه البغوي في معجمه ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (19/243) من طريق الصلت بن مسعود الجحدري به. قال الهيثمي في المجمع (7/4): "رجاله ثقات".
[7522]:التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (ص294).
[7523]:في أ: "يارب".
[7524]:في أ: "بسيماهم".
[7525]:زيادة من ر، أ، والتذكرة.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۭ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا} (41)

{ فكيف } أي فكيف حال هؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى وغيرهم ؟ { إذا جئنا من كل أمة بشهيد } يعني نبيهم يشهد على فساد عقائدهم وقبح أعمالهم ، والعامل في الظرف مضمون المبتدأ والخبر من هول الأمر وتعظيم الشأن . { وجئنا بك } يا محمد . { على هؤلاء شهيدا } تشهد على صدق هؤلاء الشهداء لعلمك بعقائدهم ، واستجماع شرعك مجامع قواعدهم . وقيل هؤلاء إشارة إلى الكفرة المستفهم عن حالهم . وقيل إلى المؤمنين كقوله تعالى : { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } .