قوله تعالى : { فَكَيْفَ } : فيها ثلاثة أقوال ، أحدها : أنها في محل رفع خبراً لمبتدأ محذوف أي : فكيف حالُهم أو صنعُهم ؟ والعامل في " إذا " هو هذا المقدر . والثاني : أنها في محلِّ نصب بفعل محذوف أي : فيكف تكونون أو تَصْنَعون ؟ ويَجْري فيها الوجهان : النصب على التشبيه بالحالِ كما هو مذهبُ سيبويه ، أو على التشبيه بالظرفية كما هو مذهب الأخفش ، وهو العاملُ في " إذا " أيضاً . والثالث : حكاه ابن عطية عن مكي أنها معمولةٌ ل " جئنا " ، وهذا غلط فاحش .
قوله : { مِن كُلِّ } فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق ب " جئنا " . والثاني : أنه متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من " شهيد " ، وذلك على رأي مَنْ يجوُّزُ تقديمَ حالِ المجرور بالحرف عليه ، وقد تقدم تحريره . والمشهودُ عليه محذوفٌ أي : بشهيد على أمته/ .
والمِثْقال : مِفْعَال من الثِّقَل وهو زِنَةُ كل شيء ، والذَّرَّة : النملة الصغيرة ، وقيل : رأسُها ، وقيل : الخَرْدَلة ، وقيل : جزء الهَباءَة ، وعن ابن عباس : أنه أَدْخَلَ يده في التراب ثم نَفَخَها وقال : " كلُّ واحدةٍ منه ذرةٌ " والأولُ هو المشهور ؛ لأن النملة يُضْرَبُ بها المثل في القلة ، وأصغرُ ما تكون إذا مَرَّ عليها حَوْلٌ ، قالوا لأنها حينئذ تَصْغُر جداً ، قال حسان :
لو يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّرْ *** رِ عليها لأنْدَبَتْها الكُلُومُ
مِن القاصِراتِ الطَرْفِ لو دَبَّ مُحْوِلٌ *** من الذَرِّ فوق الإِتْبِ منها لأَثَّرا
قوله تعالى : { وَجِئْنَا بِكَ } في هذه الجملةِ ثلاثةُ أوجه ، أظهرها : أنها في محل جر عطفاً على " جئنا " الأولى أي : فكيف تصنعون في وقت المجيئين ؟ . والثاني : أنها في محلِّ نصبٍ على الحال ، و " قد " مرادةٌ معها ، والعامل فيها " جئنا " الأولى أي : جئنا من كل أمة بشهيد وقد جئنا ، وفيه نظر . والثالث : أنها مستأنفة فلا محل لها . قال أبو البقاء : " ويجوزُ أن يكونَ مستأنفاً ، ويكون الماضي بمعنى المستقبل " . انتهى . وإنما احتاج إلى ذلك لأنَّ المجيءَ بعدُ لم يقع ، فادَّعى ذلك ، والله أعلم . و { عَلَى هَؤُلاءِ } متعلق ب " شهيداً " و " على " على بابها وقيل : هي بمعنى اللام وفيه بُعْدٌ ، وأجيز أن تكون " على " متعلقةً بمحذوف على أنها حالٌ من " شهيداً " ، وفيه بُعْدٌ ، و " شهيداً " حالٌ من الكاف في " بك " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.