أحدها : أنَّها في مَحَلِّ رفْع خَبَراً لمبْتَدأ مَحْذُوف ، أي : فكيف [ تكُون ]{[7945]} حالهم أو صُنْعُهم ، والعَامِل في " إذَا " هو هَذَا المُقَدَّر .
والثاني : أنها في مَحَلِّ نَصْب بِفْعِل مَحْذُوف ، أي : فكيف تكُونونُ أو تَصْنَعُون ، ويَجْرِي فيها الوَجْهَان : النَّصْب على التَّشْبِيه بالحَالِ ؛ كما هو مَذْهَب سَيبويْه ، أو على التَّشْبِيه بالظَّرفيّة ؛ كما هو مذهب الأخْفَش ، وهو العَامِل في " إذَا " أيْضَاً .
والثالث : حكاه ابن عَطيّة{[7946]} عن مَكِّي أنها معمولة ل { جِئْنَا } ، وهذا غَلَطٌ فاحِشٌ .
قوله { مِن كُلِّ } فيه وجْهَان : أحدهما : أنه مُتعلِّق ب { جِئْنَا } .
والثاني : [ أنه متعلِّقٌ ]{[7947]} بمحذوفٍ على أنَّه حَالٌ من { شَهِيداً } ، وذلك على رَأي من يُجَوِّزُ تقديم حالِ المجرُور بالحَرْفِ عليْهِ ، كما تقدَّم ، والمشهود مَحْذُوف ، أي : شهيد على أمَّتِه .
فصل : معنى { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا }
من عَادَة العرب أنَّهم يقُولُون في الشَّيء الذي يتوقَّعُونَهُ : كيف بك إذا كان كَذَا وكَذَا ، ومعنى الكلام : كيْفَ يرون [ يَوْمَ ]{[7948]} القيامة : إذا اسْتَشْهَد الله على كُلِّ أمَّة برسُولِهَا يشهد عليهم{[7949]} بما عَمِلُوا ، { وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً } أي : شاهداً على جميع الأمَمِ .
روى أبو مَسْعُود ؛ " قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " اقْرَأ عَلَيَّ " . فقلت : يا رسُول الله ، أَقْرَأ عَلَيْكَ ، وعَلَيْكَ أنْزِلَ ؟ قال : " نَعَم ، أحِبُّ أن أسْمَعَهُ من غَيْرِي " ، فقرأت سُورة النِّسَاء حتى أتيْتُ إلى هذه الآيةِ ، قال : حَسْبُك الآن ، فالتَفَتُّ إلَيْه فإذا عَيْنَاهُ تَذْرِفان " {[7950]} .
قوله { وَجِئْنَا بِكَ } في هذه الجُمْلَة ثلاثة أوجه :
أظهرها{[7951]} : أنها في مَحَلِّ جرِّ عطفاً على { جِئْنَا } الأولى{[7952]} ، أي : فكيف تصنعون في وَقْتِ المجيئين .
والثاني : أنها في مَحَلِّ نصب على الحَالِ و " قَدْ " مُرَادةٌ معها ، والعَامِلُ فيها { جِئْنَا } [ الأولى ، أي : جئنا ]{[7953]} من كُلِّ أمَّة بشهيدٍ وقد جِئْنَا ؛ وفيه نَظَر .
الثالث : أنها مُسْتأنَفَة فلا مَحَل لها قال أبُو البَقَاء{[7954]} ويجوز أن تكون مُسْتأنفَة ، ويكون المَاضِي بمعنى المُسْتَقْبَل انتهى .
وإنما احْتَاج [ إلى ذلك ]{[7955]} ؛ لأن المَجِيءَ بعد لَمْ{[7956]} يَقَع فادّعى ذلك ، والله أعْلَم .
قوله : { عَلَى هَؤُلاءِ } متعلِّق ب { شَهِيداً }{[7957]} و " عَلَى " على بابها ، وقيل : بمعْنَى اللام ، وفيه بُعْدٌ [ وأجيز أن يكُونَ " عَلَى " متعلِّقَة بمحذُوفٍ على أنَّها حالٌ من { شَهِيداً } وفيه بُعْدٌ ]{[7958]} ، و { شَهِيداً } حالٌ من الكَافِ في " بِكَ " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.