قوله : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ) الآية [ 41 ] .
العامل في " كيف " " جئنا " ( {[12462]} ) .
المعنى : فكيف يكون حالهم إذا جئنا من كل أمة بشهيد يشهد على أعمالهم ، وجئنا بك يا محمد على أمتك شهيداً ، وكان النبي عليه السلام إذا أتى على هذه الآية فاضت عيناه ، وقال ابن مسعود : أمرني رسول الله عليه السلام أن أقرأ عليه سورة النساء حتى بلغت ( وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيداً ) فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدموع فسكت( {[12463]} ) .
قال السدي يأتي النبي يوم القيامة منهم من أسلم معه من قومه واحد( {[12464]} ) والاثنان ، والعشرة ، وأقل وأكثر من ذلك حتى يأتي لوط صلوات الله عليه وسلم لم يؤمن معه إلا بنتاه فيقال للنبيين : هل بلغتم ما أرسلتم به ؟ فيقولون : نعم فقال له : من يشهد لكم ؟ فيقولون : أمة محمد عليه السلام . فتدعى أمة محمد عليه السلام فيقال لهم : إن الرسل ادعوا عندكم شهادة فبم تشهدون ؟ فيقولون : يا ربنا نشهد أنهم قد بلغوا كما شهدوا في الدنيا في التبليغ ، فيقال : من يشهد على ذلك ؟ فيقولون : محمد صلى الله عليه وسلم ، فيشهد محمد صلى الله عليه وسلم أن أمته قد صدقت ، وأن الرسل قد بلغوا فذلك قوله ( لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )( {[12465]} ) .
ومن رواية يونس عن ابن وهب عن إبراهيم عن حيان بن أبي جيلة بسنده إلى النبي عليه السلام أنه قال : إذا جمع الله عباده يوم القيامة كان أول من يدعى إسرافيل فيقول الله عز وجل : ماذا فعلت في( {[12466]} ) . . . هل بلغت عهدي ؟ فيقول : نعم ، أي رب ، قد بلغت جبريل ، فيدعى جبريل فيقوله له : هل بلغك إسرافيل عهدي ؟ فيقول : نعم قد بلغته الرسل ، فيدعى الرسل فيقول : هل بلغكم جبريل عهدي ؟ فيقولون : نعم ، فيخلى عن جبريل ثم ، قال للرسل : ما فعلتم بعهدي ؟ فيقولون : بلغنا أممنا ، فيدعى الأمم ، فيقال لهم : هل بلغكم الرسل عهدي ؟ فمنهم المكذب ، ومنهم المصدق ، فيقول الرسل( {[12467]} ) : إن لكم علينا شهداء يشهدون أنا قد بلغنا مع شهادة( {[12468]} ) ، فيقول الله عز وجل : من يشهد لكم ؟ فيقول الرسل : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فتدعى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقول الله عز وجل : أتشهدون أن رسلي هؤلاء قد بلغوا عهدي إلى من أرسلوا إليهم ؟ فيقولون : نعم ، رب شهدنا أنهم قد بلغوا ، فتقول تلك الأمم : ( لا )( {[12469]} ) . كيف يشهدون علينا ولم يدركنا( {[12470]} ) ؟ فيقول لهم الرب : كيف تشهدون على من لم تدركوا ؟ فيقولون : ربنا بعثت إلينا رسولاً( {[12471]} ) ، وأنزلت إلينا عهدك وكتابك ، فقصصت علينا قصصهم ، فشهدنا بما عهدت إلينا ، فيقول الرب تعالى ذكره : صدقوا ، فكذلك قوله : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمُ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) الآية( {[12472]} ) .
وقد مضى في هذه الآية ما فيه كفاية وهذه زيادة إن لم يتقدم لفظها وإن كان قد تقدم معناها( {[12473]} ) .
وفي رواية أخرى عن( {[12474]} ) الأوزاعي قال النبي صلى الله عليه وسلم : أول من يسأل يوم القيامة عن البلاغ : اللوح المحفوظ . يقال : هل بلغت إسرافيل ما أمرت به ؟ فيقول : نعم ، قيل لإسرافيل : هل بلغك اللوح المحفوظ ما أمر به ؟ فيقول : نعم ، فما أرى شيئاً أشد فرحاً يوم القيامة من اللوح المحفوظ حين صدقه إسرافيل ، ثم كذلك إسرافيل وجبريل والأنبياء .
قال في الحديث : فما أرى شيئاً ( أشد فرحاً ) من( {[12475]} ) كل واحد إذا صدقه من أرسل إليه ثم قرأ الأوزاعي : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ) الآية .
قال الضحاك هو قول الله تعالى ( هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ( {[12476]} ) )( {[12477]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.