فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۭ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا} (41)

{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }

روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرأ عَليَّ " قلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : " إني أحب أن أسمعه من غيري " فقرأت عليه سورة { النساء } حتى بلغت : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } قال : " أمسك " فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل ؛ { فكيف } الفاء فصيحة ، و { كيف } محلها : إما الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف ، وإما النصب بفعل محذوف ، . . . ، - أي إذا كان كل قليل وكثير يجازى عليه ، فكيف حال هؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى وغيرهم ؟ أو : كيف يصنعون ؟ أو : كيف يكون حالهم إذا جئنا يوم القيامة من كل أمة من الأمم وطائفة من الطوائف بشهيد يشهد عليهم بما كانوا عليه من فساد العقائد وقبائح الأعمال ؟ - وهو نبيهم- ؟ وجئنا بك يا خاتم الأنبياء { على هؤلاء } إشارة إلى الشهداء المدلول عليهم بما ذكر { شهيدا } تشهد على صدقهم لعلمك بما أرسلوا ، واستجماع شرعك مجامع ما فرعوا وأضلوا ، . . . ، وقيل : إلى المؤمنين : لقوله تعالى : ( . . لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا . . ) ( {[1407]} ) ، فإذا كان هذا الشاهد تفيض عيناه لهول هذه المقالة ، وعظيم تلك الحالة ، فماذا لعمري يصنع المشهود عليه ؟ ! وكأنه بالقيامة وقد أناخت لديه-( {[1408]} ) .


[1407]:سورة البقرة. من الآية 143.
[1408]:من روح المعاني.