المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (80)

80- والله سبحانه وتعالى هو الذي جعلكم قادرين على إنشاء بيوت لكم تتخذون منها مساكن ، وجعل لكم من جلود الإبل والبقر والغنم وغيرها أخبية تسكنون فيها ، وتنقلونها في حلكم وترحالكم ، وجعلكم تتخذون من صوفها وشعرها ووبرها فرشاً تتمتعون بها في هذه الدنيا إلى حين آجالكم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (80)

قوله تعالى : { والله جعل لكم من بيوتكم } ، التي هي من الحجر والمدر ، { سكناً } ، أي : مسكناً تسكنونه . { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً } ، يعني : الخيام ، والقباب ، والأخبية ، والفساطيط من الأنطاع والأدم ، { تستخفونها } ، أي : يخف عليكم حملها ، { يوم ظعنكم } ، رحلتكم في سفركم . قرأ ابن عامر ، وأهل الكوفة ، ساكنة العين ، والآخرون بفتحها ، وهو أجزل اللغتين . { ويوم إقامتكم } ، في بلدكم لا تثقل عليكم في الحالين . { ومن أصوافها و أوبارها وأشعارها } ، يعني : أصواف الضأن ، وأوبار الإبل ، وأشعار المعز ، والكنايات راجعة إلى الأنعام ، { أثاثاً } ، قال ابن عباس : مالاً ، قال مجاهد : متاعاً . قال القتيبي : الأثاث : المال أجمع ، من الإبل والغنم والعبيد ، والمتاع . وقال غيره : هو متاع البيت من الفرش والأكسية . { ومتاعاً } ، بلاغاً ينتفعون بها ، { إلى حين } ، يعني الموت . وقيل : إلى حين تبلى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (80)

77

ويخطو السياق خطوة أخرى في أسرار الخلق وآثار القدرة ومظاهر النعمة ، يدخل بها إلى بيوت القوم وما يسر لهم فيها وحولها من سكن ومتاع وأكنان وظلال !

( والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ، وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين . والله جعل لكم مما خلق ظلالا ؛ وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم . كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ) . .

والسكن والطمأنينة في البيوت نعمة لا يقدرها حق قدرها إلا المشردون الذين لا بيوت لهم ولا سكن ولا طمأنينة . وذكرها في السياق يجيء بعد الحديث عن الغيب ، وظل السكن ليس غريبا عن ظل الغيب ، فكلاهما فيه خفاء وستر . والتذكير بالسكن يمس المشاعر الغافلة عن قيمة هذه النعمة .

ونستطرد هنا إلى شيء عن نظرة الإسلام إلى البيت ، بمناسبة هذا التعبير الموحي : ( والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ) . . فهكذا يريد الإسلام البيت مكانا للسكينة النفسية والاطمئنان الشعوري . هكذا يريده مريحا تطمئن إليه النفس وتسكن وتأمن سواء بكفايته المادية للسكنى والراحة ، أو باطمئنان من فيه بعضهم لبعض ، ويسكن من فيه كل إلى الآخر . فليس البيت مكانا للنزاع والشقاق والخصام ، إنما هو مبيت وسكن وأمن واطمئنان وسلام .

ومن ثم يضمن الإسلام للبيت حرمته ، ليضمن له أمنه وسلامه واطمئنانه . فلا يدخله داخل إلا بعد الاستئذان ، ولا يقتحمه أحد - بغير حق - باسم السلطان ، ولا يتطلع أحد على من فيه لسبب من الأسباب ، ولا يتجسس أحد على أهله في غفلة منهم أو غيبة ، فيروع أمنهم ، ويخل بالسكن الذي يريده الإسلام للبيوت ، ويعبر عنه ذلك التعبير الجميل العميق !

ولأن المشهد مشهد بيوت وأكنان وسرابيل ، فإن السياق يعرض من الأنعام جانبها الذي يتناسق مع مفردات المشهد : ( وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) . وهو هنا كذلك يستعرض من نعمة الأنعام ما يلبي الضرورات وما يلبي الأشواق ، فيذكر المتاع ، إلى جانب الأثاث . والمتاع ولو أنه يطلق على ما في الأرحال من فرش وأغطية وأدوات ، إلا أنه يشي بالتمتع والارتياح .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (80)

هذه آية تعديد نعمة الله على الناس في البيوت ، فذكر أولاً بيوت التمدن : وهي التي للإقامة الطويلة ، وهي أعظم بيوت الإنسان ، وإن كان الوصف ب { سكناً } يعم جميع البيوت ، والسكن مصدر يوصف به الواحد ، ومعناه : يسكن فيها وإليها . ثم ذكر تعالى بيوت النقلة والرحلة ، وقوله : { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً } ، يحتمل أن يعم به بيوت الأدم وبيوت الشعر وبيوت الصوف ؛ لأن هذه هي من الجلود ، لكونها نابتة فيها ، نحا إلى ذلك ابن سلام ، ويكون قوله : { ومن أصوافها } ، عطفاً على قوله : { من جلود الأنعام } ، أي : جعل بيوتاً أيضاً ، ويكون قوله : { أثاثاً } ، نصباً على الحال ، و { تستخفونها } ، أي : تجدونها خفافاً . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو : «ظعَنكم » ، بفتح العين ، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي : «ظعْنكم » ، بسكون العين ، وهما لغتان ، وليس بتخفيف ، و «ظعن » ، معناه : رحل . والأصواف للغنم ، والأوبار للإبل ، والأشعار للمعز والبقر ، ولم تكن بلادهم بلاد قطن وكتان ؛ فلذلك اقتصر على هذه ، ويحتمل أن ترك ذلك القطن والحرير والكتان إعراضاً ، والكتان في لفظ السرابيل ، والأثاث : متاع البيت ، واحدتها أثاثة ، هذا قول أبي زيد الأنصاري ، وقال غيره : الأثاث : جميع أنواع المال ، ولا واحد له من لفظه .

قال القاضي أبو محمد : والاشتقاق يقوي هذا المعنى الأعم ؛ لأن حال الإنسان تكون بالمال أثيثة ، تقول : شعر أثيث ، ونبات أثيث : إذا كثر والتف ، وقوله : { إلى حين } ، يريد به وقتاً غير معين ، وهو بحسب كل إنسان ، إما بموته ، وإما بفقد تلك الأشياء التي هي أثاث ، ومن هذه اللفظة قول الشاعر : [ الوافر ]

أهاجتك الظعائن يوم بانوا . . . بذي الزيّ الجميل من الأثاث{[7390]}


[7390]:البيت لمحمد بن نمير الثقفي، وله قصة مع الحجاج؛ لأنه كان يشبب بزينب أخت الحجاج، فتوعده فهرب منه (ارجع إلى الكامل للمبرد)، ويروى: "أشاقتك". . . بدلا من أهاجتك، و "بذي الرئي" . . . بدلا من "بذي الزي"، قال في (اللسان ـ رأى): "هو ما رأته العين من حال حسنة وكسوة ظاهرة، وأنشد أبو عبيدة لمحمد بن نمير الثقفي: أشاقتك الظعائن يوم بانــــــــــــــوا بذي الرئي الجميل من الأثاث؟ والظعائن: جمع ظعينة، وهي الراحلة يرتحل عليهان أو الهودج، أو الزوجة. ولعله المراد هنا، وبانوا: سافروا وبعدوا.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (80)

هذا من تعداد النّعم التي ألهم الله إليها الإنسان ، وهي نعمة الفكر بصنع المنازل الواقية والمرفّهة وما يشبهها من الثياب والأثاث عطفاً على جملة { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً } [ سورة النحل : 78 ] . وكلّها من الألطاف التي أعدّ الله لها عقل الإنسان وهيّأ له وسائلها .

وهذه نعمة الإلهام إلى اتّخاذ المساكن وذلك أصل حفظ النوع من غوائل حوادث الجوّ من شدّة برد أو حرّ ومن غوائل السباع والهوامّ . وهي أيضاً أصل الحضارة والتمدّن لأن البلدان ومنازل القبائل تتقوّم من اجتماع البيوت . وأيضاً تتقوّم من مجتمع الحِلل والخيام .

والقول في نظم جملة { والله جعل لكم } كالقول في التي قبلها .

وبيوت : يجوز فيه ضمّ الموحدة وكسرها ، وهو جمع بيت . وضمّ الموحّدة هو القياس لأنه على وزن فُعول ، وهو مطرد في جمع فَعْل بفتح الفاء وسكون العين . وأما لغة كسر الباء فلمناسبة وقوع الياء التحتية بعد الموحّدة المضمومة ، لأن الانتقال من حركة الضمّ إلى النّطق بالياء ثقيل . وقال الزجاج : أكثر النحويين لا يعرفون الكسر ( أي لا يعرفونه لغة ) وبيّن أبو عليّ جوازه . وتقدم في سورة البقرة .

وبالكسر قرأ الجمهور . وقرأها بالضمّ أبو عمرو وورش عن نافع وحَفص عن عاصم .

والبيت : مكان يجعل له بناء وفسطاط يحيط به يعين مكانه ليتّخذه جاعلُه مقَراً يأوي إليه ويستكنّ به من الحرّ والقُرّ . وقد يكون محيطُه من حجر وطين ويسمّى جداراً ، أو من أخشاب أو قصب أو غير ذلك وتُسمّى أيضاً الأخصاص . ويوضع فوق محيطه غطاء ساتر من أعلاه يسمّى السقْف ، يتّخذ من أعواد ويُطيّن عليها ، وهذه بيوت أهل المدن والقرى .

وقد يكون المحيط بالبيت متّخذاً من أديم مدبوغ ويسمى القبّة ، أو من أثواب تُنْسج من وَبر أو شَعَر أو صُوف ويسمّى الخَيمة أو الخباءَ ، وكلّها يكون بشكل قريب من الهرميّ تلتقي شُقّتاه أو شُققه من أعلاه معتمدةً على عمود وتنحدر منه متّسعَة على شكل مخروط . وهذه بيوت الأعراب في البوادي أهل الإبل والغنم يتّخذونها لأنها أسعد لهم في انتجاعهم ، فينقلونها معهم إذا انتقلوا يتتبّعون مواقع الكَلأ لأنعامهم والكَمْأة لعَيشهم . وقد تقدّم ذكر البيت عند قوله تعالى : { وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً } في سورة البقرة ( 125 ) .

و { جَعَلَ } هنا بمعنى أوجد ، فتتعدّى إلى مفعول واحد .

والسَكَن : اسم بمعنى المسكون . والسكنى : مصدر سكن فلان البيتَ ، إذا جعله مقرّاً له ، وهو مشتقّ من السكون ، أي القرار .

وانتصب قوله تعالى : { سكناً } على المفعولية ل { جعل } .

وقوله : { من بيوتكم } بيان للسكن ، فتكون { من } بيانية ، أو تجعل ابتدائية ويكون الكلام من قبيل التجريد بتنزيل البيوت منزلة شيء آخر غير السكن ، كقولهم : لئن لقيت فلاناً لتلقينّ منه بحراً .

وأصل التركيب : والله جعل لكم بيوتكم سكنا .

وقيل : إن { سكناً } مصدر وهو قول ضعيف ، وعليه فيكون الامتنان بالإلهام الذي دلّ عليه السكون ، وتكون { من } ابتدائية ، لأن أول السكون يقع في البيوت .

وشمل البيوت هنا جميع أصنافها .

وخُصّ بالذّكر القباب والخيام في قوله تعالى : { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً } لأن القباب من أدم ، والخيام من منسوج الأوبار والأصواف والأشعار ، وهي ناشئة من الجلد ، لأن الجلد هو الإهاب بما عليه ، فإذا دبغ وأزيل منه الشّعر فهو الأديم .

وهذا امتنان خاص بالبيوت القابلة للانتقال والارتحال ، والبشر كلّهم لا يعدون أن يكونوا أهل قرى أو قبائل رحلاً .

والسين والتاء في { تستخفونها } للوجدان ، أي تجدونها خفيفة ، أي خفيفة المحمل حين ترحلون ، إذ يسهل نقضها من مواضعها وطيّها وحملها على الرواحل ، وحين تنيخون إناخة الإقامة في الموضع المنتقل إليه فيسهل ضربها وتوثيقها في الأرض .

والظعن بفتح الظاء والعين وتسكن العينُ ، وقد قرأه بالأول نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب ، وبالثاني الباقون ، وهو السّفر .

وأطلق اليوم على الحين والزمن ، أي وقت سفركم .

والأثاث بفتح الهمزة اسم جمع للأشياء التي تفرش في البيوت من وسائد وبُسط وزرابيّ ، وكلها تنسج أو تحْشى بالأصواف والأشعار والأوبار .

والمتاع أعمّ من الأثاث ، فيشمل الأعدال والخُطُم والرحائل واللّبود والعُقُل .

فالمتاع : ما يتمتّع به وينتفع ، وهو مشتقّ من المتع ، وهو الذهاب بالشيء ، ولِملاحظة اشتقاقه تعلّق به إلى حين . والمقصود من هذا المتعلّق الوعظ بأنها أو أنهم صائرون إلى زوال يحول دون الانتفاع بها ليكون الناس على أهبة واستعداد للآخرة فيتّبعوا ما يرضي الله تعالى . كما قال : { أذهبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها } [ سورة الأحقاف : 20 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (80)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم ذكرهم النعم، فقال سبحانه: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا}، تسكنون فيه،

{وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا}، يعني: مما على جلودها من أصوافها، وأوبارها، وأشعارها، تتخذون منها بيوتا، يعني: الأبنية، والخيم، والفساطيط، وغيرها،

{تستخفونها} في الحمل،

{يوم ظعنكم}، يعني: حين رحلتكم وأسفاركم، وتستخفونها،

{ويوم إقامتكم}، حين تقيمون في الأسفار وتستخفونها، يعني: الأبيات التي تتخذونها، ولا يشق عليكم ضرب الأبنية،

ثم قال سبحانه: {ومن أصوافها}، يعني: الضأن،

{وأوبارها}، يعني: الإبل،

{وأشعارها}، يعني: المعز،

{أثاثا}، يعني: الثياب التي تتخذ منها،

{ومتاعا إلى حين}، يعني: بلاغا إلى أن تبلى.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ" أيها الناس، "مِنْ بُيُوتِكُمْ "التي هي من الحجر والمدر، "سَكَنا" تسكنون أيام مقامكم في دوركم وبلادكم. "وَجَعَلَ لَكُمْ مِن جُلُودِ الأَنْعامِ بُيُوتا"، وهي البيوت من الأنطاع والفساطيط من الشعر والصوف والوبر. "تَسْتَخِفّوَنها"، يقول: تستخفون حملها ونقلها، {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ}، من بلادكم وأمصاركم لأسفاركم، {وَيَوْمَ إقامَتِكُمْ}، في بلادكم وأمصاركم. "وَمِنْ أصْوَافِها وأوْبارِها وأشْعارِها أثاثا"...

وأما الأشعار: فجمع شَعْر، تثقل عينه وتخفف، وواحد الشّعْر: شَعْرة. وأما الأثاث: فإنه متاع البيت... عن ابن عباس، قوله: "أثاثا"، يعني بالأثاث: المال...

وقوله: {وَمَتاعا إلى حِينٍ}، فإنه يعني: أنه جعل ذلك لهم بلاغا، يتبلّغون ويكتفون به إلى حين آجالهم للموت.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ظاهر هذا أنه قد جعل لنا من البيوت أيضا ما ليس بسكن؛ لأنه قال: {جعل لكم من بيوتكم سكنا}، هو ما ذكر في قوله: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة} (النور: 29)، وهو كالمساجد والرِّبَاطَات وغيرها...

ويشبه أن يكون ذكر هذا ليعرفوا عظيم مننه ونعمه حين جعل الأرض بمحل، يقرون عليها، ويمكن لهم المقام بها بالرواسي التي ذكر أنه أثبتها فيها بعد ما كانت تميد بهم، ولا يقرون عليها...

{جعل لكم من بيوتكم سكنا}، يحتمل وجهين:

أحدهما: أي: سخر الأرض حتى قدرتم على اتخاذ المساكن فيها، تسكنون فيها. والثاني: جعل لكم بيوتا، أي: علمكم ما تبنون فيها من البيوت، ما لولا تعليمه إياكم ما تقدرون على بناء البيوت فيها، يذكر منته عليهم، والله أعلم...

{تستخفونها يوم ظعنكم}، قيل: ليوم سفركم وسيركم...

قال بعض أهل التأويل: في المصر، وقال بعضهم: في السفر حين النزول...

والجَعْلُ في هذا يحتمل الوجهين...

أحدهما: على التخير لهم...

والثاني: على التعليم...

ذكر سبحانه وتعالى في البيوت المتخذة من المدر السكنى، حين قال: {من بيوتكم سكنا}، ولم يذكر في البيوت المتخذة من الجلود والأوبار والأشعار. فكأنه ترك ذكره في هذا لذكره في الأول تصريح، وذكر في الثاني: ذكر دلالة...

{أثاثا}، قيل: الأثاث والرياش واحد، وهو المال، وقيل: ما يتخذ من الثياب والأمتعة...

{ومتاعا إلى حين}، يحتمل {إلى حين}: إلى وقت يَبْلَى ذلك الأثاث، أو {إلى حين}: وقت فنائهم...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هذه آية تعديد نعمة الله على الناس في البيوت، فذكر أولاً بيوت التمدن: وهي التي للإقامة الطويلة، وهي أعظم بيوت الإنسان، وإن كان الوصف ب {سكناً} يعم جميع البيوت، والسكن مصدر يوصف به الواحد، ومعناه: يسكن فيها وإليها... ثم ذكر تعالى بيوت النقلة والرحلة... ولم تكن بلادهم بلاد قطن وكتان؛ فلذلك اقتصر على هذه، ويحتمل أن ترك ذلك القطن والحرير والكتان إعراضاً، والكتان في لفظ السرابيل...

أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :

قَوْله تَعَالَى: {سَكَنًا}: يَعْنِي: مَحَلًّا تَسْكُنُونَ فِيهِ، وَتَهْدَأُ جَوَارِحُكُمْ عَن الْحَرَكَةِ، وَقَدْ تَتَحَرَّكُ فِيهِ، وَتَسْكُنُ فِي غَيْرِهِ، إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ خَرَجَ فِيهِ عَلَى غَالِبِ الْحَالِ، وَهُوَ أَنَّ الْحَرَكَةَ تَكُونُ فِيمَا خَرَجَ عَن الْبَيْتِ، فَإِذَا عَادَ الْمَرْءُ إلَيْهِ سَكَنَ. وَبِهَذَا سُمِّيَتْ مَسَاكِنُ؛ لِوُجُودِ السُّكُونِ فِيهَا فِي الْأَغْلَبِ، وَعُدَّ هَذَا فِي جُمْلَةِ النِّعَمِ، فَإِنَّهُ لَوْ خُلِقَ الْعَبْدُ مُضْطَرِبًا أَبَدًا كَالْأَفْلَاكِ لَكَانَ ذَلِكَ كَمَا خُلِقَ وَأَرَادَ، وَلَوْ خُلِقَ سَاكِنًا كَالْأَرْضِ لَكَانَ كَمَا خُلِقَ وَأَرَادَ، وَلَكِنَّهُ أَوْجَدَهُ خَلْقًا يَتَصَرَّفُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَيَخْتَلِفُ حَالُهُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ، وَرَدَّدَهُ بَيْنَ كَيْفَ وَأَيْنَ...

أَذِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالِانْتِفَاعِ بِصُوفِ الْغَنَمِ، وَوَبَرِ الْإِبِلِ، وَشَعْرِ الْمَعْزِ، كَمَا أَذِنَ فِي الْأَعْظَمِ، وَهُوَ ذَبْحُهَا وَأَكْلُ لُحُومِهَا. كَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ لَنَا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، وَعَلِمَ كَيْفِيَّةَ الِانْتِفَاعِ بِهَا...

{أَثَاثًا}: هُوَ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ الْمَرْءُ إلَى اسْتِعْمَالِهِ من آلَةٍ، وَيَفْتَقِرُ إلَيْهِ فِي تَصْرِيفِ مَنَافِعِهِ من حَاجَةٍ، وَمِنْهُ أَثَاثُ الْبَيْتِ، وَأَصْلُهُ من الْكَثْرَةِ، يُقَالُ: أَثَّ النَّبْتُ يَئِثُّ، إذَا كَثُرَ، وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ يُقَالُ: شَعْرٌ أَثِيثٌ، إذَا كَانَ كَثِيرًا مُلْتَفًّا...

{وَمَتَاعًا}: وَهُوَ كُلُّ مَا انْتَفَعَ بِهِ الْمَرْءُ فِي مَصَالِحِهِ، وَصَرَفَهُ فِي حَوَائِجِهِ، يُقَالُ: تَمَتَّعَ الرَّجُلُ بِمَالِهِ إذَا نَالَ لَذَّتَهُ، وَبِبَدَنِهِ إذَا وَجَدَ صِحَّتَهُ، وَبِأَهْلِهِ إذَا أَصَابَ حَاجَتَهُ، وَبِبَنِيهِ إذَا ظَهَرَ بِنُصْرَتِهِمْ، وَبِجِيرَتِهِ إذَا رَأَى مَنْفَعَتَهُمْ...

{وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا}: وَلَمْ يَذْكُرْ الْقُطْنَ وَلَا الْكَتَّانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ، وَإِنَّمَا عَدَّدَ عَلَيْهِمْ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَخُوطِبُوا فِيمَا عَرَفُوا بِمَا فَهِمُوا، وَمَا قَامَ مَقَامَ هَذِهِ وَنَابَ مَنَابَهَا يَدْخُلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالنِّعْمَةِ مَدْخَلَهَا، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {وَيُنَزِّلُ من السَّمَاءِ من جِبَالٍ فِيهَا من بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ}؛ فَخَاطَبَهُمْ بِالْبَرَدِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ نُزُولَهُ كَثِيرًا عِنْدَهُمْ، وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّلْجِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي بِلَادِهِمْ، وَهُوَ مِثْلُهُ فِي الصِّفَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعًا فِي التَّطْهِيرِ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّنِي من الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ الدَّنِسُ بِالْمَاءِ)...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكرهم سبحانه بنعمة الإدراك بعد ابتداء الخلق، وأتبعه ما منّ به على الطير من الارتفاع الحامي لها من الحر، أتبعه ما يسكنون إليه، فيظلهم ويجمعهم؛ لأنه أهم الأشياء للحيوان، فقال تعالى: {والله}، أي: الذي له الحكمة البالغة والقدرة الشاملة، {جعل لكم}، أي: أيها الغافلون، {من بيوتكم}، أصل البيت المأوى ليلاً، ثم اتسع فيه، {سكناً}، هو مصدر بمعنى مفعول، ولم يسلط عليكم فيها الحشرات والوحوش كما سلطكم عليهم؛ ثم أتبع ما يخص الحضر ما يصلح له، وللسفر بما ميزهم به عن الطير وغيرها من سائر الحيوانات، فقال تعالى: {وجعل لكم}، أي: إنعاماً عليكم، {من جلود الأنعام}، التي سلطكم عليها.

ولما كانت الخيام، التي من جلود الأنعام، في ظلها الظليل تقارب بيوت القرى، جمعها جمعاً، فقال تعالى: {بيوتاً}، فإنهم قالوا: إن هذا الجمع بالمسكن أخص، والأبيات بالشعر أخص، {تستخفونها}، أي: تطالبون بالاصطناع خفها، فتجدونها كذلك، {يوم ظعنكم}، أي: وقت ارتحالكم، وعبر به لأنه في النهار أكثر، {ويوم إقامتكم}، ثم أتبعه ما به كمال السكن، فقال تعالى: {ومن أصوافها}، أي: الضأن منها، {وأوبارها}، وهي: للإبل، كالصوف للغنم، {وأشعارها}، وهي: ما كان من المعز ونحوه، من المساكن والملابس والمفارش والأخبية وغيرها، {أثاثاً}، أي: متاعاً من متاع البيت كثيراً، من قولهم: شهر أثيث أي كثير، وأث النبت. إذا كثر {ومتاعاً} تتمتعون به {إلى حين}، أي: وقت غير معين، بحسب كل إنسان في فقد ذلك، وأعرض عن ذكر الحرير والكتان والقطن؛ لأنها لم تكن من صناعتهم، وإشارة إلى الاقتصاد وعدم الإسراف.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويخطو السياق خطوة أخرى في أسرار الخلق وآثار القدرة ومظاهر النعمة، يدخل بها إلى بيوت القوم وما يسر لهم فيها وحولها من سكن ومتاع وأكنان وظلال!... والسكن والطمأنينة في البيوت نعمة لا يقدرها حق قدرها إلا المشردون الذين لا بيوت لهم ولا سكن ولا طمأنينة. وذكرها في السياق يجيء بعد الحديث عن الغيب، وظل السكن ليس غريبا عن ظل الغيب، فكلاهما فيه خفاء وستر. والتذكير بالسكن يمس المشاعر الغافلة عن قيمة هذه النعمة...

ونستطرد هنا إلى شيء عن نظرة الإسلام إلى البيت، بمناسبة هذا التعبير الموحي: (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا).. فهكذا يريد الإسلام البيت مكانا للسكينة النفسية والاطمئنان الشعوري. هكذا يريده مريحا تطمئن إليه النفس وتسكن وتأمن سواء بكفايته المادية للسكنى والراحة، أو باطمئنان من فيه بعضهم لبعض، ويسكن من فيه كل إلى الآخر. فليس البيت مكانا للنزاع والشقاق والخصام، إنما هو مبيت وسكن وأمن واطمئنان وسلام...

ومن ثم يضمن الإسلام للبيت حرمته، ليضمن له أمنه وسلامه واطمئنانه. فلا يدخله داخل إلا بعد الاستئذان، ولا يقتحمه أحد -بغير حق- باسم السلطان، ولا يتطلع أحد على من فيه لسبب من الأسباب، ولا يتجسس أحد على أهله في غفلة منهم أو غيبة، فيروع أمنهم، ويخل بالسكن الذي يريده الإسلام للبيوت، ويعبر عنه ذلك التعبير الجميل العميق!... ولأن المشهد مشهد بيوت وأكنان وسرابيل، فإن السياق يعرض من الأنعام جانبها الذي يتناسق مع مفردات المشهد: (وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين). وهو هنا كذلك يستعرض من نعمة الأنعام ما يلبي الضرورات وما يلبي الأشواق، فيذكر المتاع، إلى جانب الأثاث. والمتاع ولو أنه يطلق على ما في الأرحال من فرش وأغطية وأدوات، إلا أنه يشي بالتمتع والارتياح...

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

ونبه كتاب الله إلى أن الوظيفة الأساسية التي يرمي إليها الإسلام من تأسيس البيوت لإقامة الأسر والعائلات، هي: الحصول على نوع خاص من الحياة يتميز عن كل ما عداه بالسكينة والهدوء والطمأنينة وراحة البال، ولن يؤدي البيت هذه الوظيفة الحيوية إلا إذا كان مستوفيا لشرائط الراحة والانسجام، ماديا وروحيا، وإلا إذا كان أعضاؤه المتساكنون فيه على غاية الوفاق والوئام، وفي مأمن من عوامل الشقاق والخصام، وإلى هذا المعنى الدقيق الرقيق يشير قوله تعالى: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا}، ويزيد هذا المعنى توضيحا وتحليلا، قوله تعالى في سورة الروم: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الآية: 21]. وهي سياق امتنان الله على عباده بما آتاهم من أسر وبيوت، وبنين وحفدة، عرض كتاب الله جملة من النعم التي هي شرط أساسي لحياة الأسرة وسعادة البيت، مما يتوقف عليه كل إنسان في الحر والقر، في الظعن والإقامة، في السلم والحرب...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

... ثم تتحرك الجولة القرآنية في آفاق حياة الناس لتدلهم على آثار نعمة الله فيها، فتدخل إلى بيوتهم، وإلى ما يسّره الله لهم من طمأنينة العيش وراحته فيها، {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً}، يتخفف الإنسان فيها من جهد العمل، وتعب التنقل، ويحس فيها بأنه يسكن إلى أرض وسقف يتحقق له فيها الكثير من السكينة والطمأنينة وراحة الروح والجسد. ولعلّ هذه المشاعر التي يستوحيها الإنسان من كلمة السكن، ومن معنى البيت في الواقع، لا يفهمها إلا الذين يفقدون البيت، وينتقلون باستمرار من مكانٍ إلى مكان في دوّامةٍ من عدم الاستقرار...

وقيمة البيت لا تتعلق بالجدران التي تحوطه والسقف الذي يظله، بل في ما يتضمنه معنى السكن في داخله، من حرمة معنوية جعلها الله له، إذ حرم الله على الآخرين دخوله دون إذن صاحبه، والتلصص عليه، والتجسس على ما في داخله، وأحلّ لصاحبه مواجهة كل من يحاول الاعتداء عليه بأيّ شكلٍ من الأشكال؛ لأن الله يريد للإنسان أن يكون البيت ساحةً مغلقةً يمارس فيها خصوصياته الذاتية والعائلية في الحدود التي أراد الله له فيها أن يعيش حريته الخاصة...

لذا فإن خلق الله للأنعام التي يصنعون من جلودها البيوت الخفيفة المتنقلة تعد نعمة في هذا المجال، {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ}، والأنعام نعمة أيضاً لجهة ما يصنعه الناس من صوفها ووبرها وشعرها من فراش وثياب ورياش يتناسب مع الحياة الداخلية في أجواء البيت وأهله...