الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (80)

{ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ } ، التي هي من الحجر والمدر ، { سَكَناً } ، مسكناً تسكنونه .

قال الفراء : السكن : الدار ، والسكن بجزم الكاف : أهل البلد .

{ وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً } ، يعني : الخيام والقباب والأخبية ، [ والفساطيط من الأنطاع ] ، والأدم وغيرها . { تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } ، رحلكم وسفركم . { وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ } ، في بلادكم ، [ لا يثقل ] عليكم في الحالتين .

واختلف القرّاء في قوله : { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } .

فقرأ الكوفيون : بجزم العين ، وقرأ الباقون : بفتحه . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأنه [ أشهر ] اللغتين وأفصحهما . { وَمِنْ أَصْوَافِهَا } ، يعني : أصواف الضأن ، وأوبار الإبل ، وأشعار المعز . والكنايات كلها راجعة إلى الأنعام .

{ أَثَاثاً } ، قال ابن عبّاس : مالا ، مجاهد : [ متاعاً ] .

حميد بن عبد الرحمن : [ أثاثاً ، يعني : ] الأثاث : المال أجمع من الإبل والغنم والعبيد ، والمتاع غيره : هو متاع البيت من الفرش والأكسية وغيرها ، ولم يسمع له واحد مثل المتاع .

وقال أبو زيد : واحد الأثاث : أثاثة . قال الخليل : أصله من الكثرة واجتماع بعض المتاع إلى بعض ، حتّى يكثر ، ومنه شعر الشعراء ، كثر وأثّ شعر فلان ، أي : إذا كثر والتف .

قال أمرؤ القيس : أثيث كقنو النخلة المتعال .

قال محمّد بن نمير الثقفي في الأثاث :

أهاجتك الظعائن يوم بانوا *** بذي الزي الجميل من الأثاث

{ وَمَتَاعاً } : [ بلاغاً ] تنتفعون بها . { إِلَى حِينٍ } ، يعني : الموت . وقيل : إلى حين يبلى ويفنى .