المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَٱطۡمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِنَا غَٰفِلُونَ} (7)

7- إن الذين لا يؤمنون بالبعث ولقاء الله في اليوم الآخر ، واعتقدوا - واهمين - أن الحياة الدنيا هي منتهاهم وليس بعدها حياة ، فاطمأنوا بها ، ولم يعملوا لما بعدها ، وغفلوا عن آيات الله الدالة على البعث والحساب .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَٱطۡمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِنَا غَٰفِلُونَ} (7)

قوله تعالى : { إن الذين لا يرجون لقاءنا } ، أي : لا يخافون عقابنا ولا يرجون ثوابنا . والرجاء يكون بمعنى الخوف والطمع ، { ورضوا بالحياة الدنيا } ، فاختاروها وعملوا لها ، { واطمأنوا بها } : سكنوا إليها . { والذين هم عن آياتنا غافلون } ، أي : عن أدلتنا غافلون لا يعتبرون . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : عن آياتنا عن محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { غافلون } معرضون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَٱطۡمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِنَا غَٰفِلُونَ} (7)

والذين يرون كل هذا ، ثم لا يتوقعون لقاء الله ؛ ولا يدركون أن من مقتضيات هذا النظام المحكم أن تكون هناك آخرة ، وأن الدنيا ليست النهاية ، لأن البشرية لم تبلغ فيها كمالها المنشود ؛ والذين يمرون بهذه الآيات كلها غافلين ، لا تحرك فيهم قلبا يتدبر ، ولا عقلا يتفكر . . هؤلاء لن يسلكوا طريق الكمال البشري ، ولن يصلوا إلى الجنة التي وعد المتقون . إنما الجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، حيث يفرغون من نصب الدنيا وصغارها إلى تسبيح الله وحمده في رضاء مقيم :

( إن الذين لا يرجون لقاءنا ، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ، والذين هم عن آياتنا غافلون ، أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون . إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ؛ تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم . دعواهم فيها سبحانك اللهم . وتحيتهم فيها سلام . وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) . .

إن الذين لا يتدبرون النظام الكوني الموحي بأن لهذا الكون خالقا مدبرا ، لا يدركون أن الآخرة ضرورة من ضرورات هذا النظام ، يتم فيها تحقيق القسط والعدل ؛ كما يتم فيها إبلاغ البشرية إلى آفاقها العليا . ومن ثم فهم لا يتوقعون لقاء الله ، ونتيجة لهذا القصور يقفون عند الحياة الدنيا ، بما فيها من نقص وهبوط ، ويرضونها ويستغرقون فيها ، فلا ينكرون فيها نقصا ، ولا يدركون أنها لا تصلح أن تكون نهاية للبشر ؛ وهم يغادرونها لم يستوفوا كل جزائهم على ما عملوا من خير أو اجترحوا من شر ، ولم يبلغوا الكمال الذي تهيئهم له بشريتهم . والوقوف عند حدود الدنيا وارتضاؤها يظل يهبط بأصحابه ثم يهبط ، لأنهم لا يرفعون رؤوسهم إلى قمة ، ولا يتطلعون بأبصارهم إلى أفق . إنما يخفضون رؤوسهم وأبصارهم دائما إلى هذه الأرض وما عليها ! غافلين عن آيات الله الكونية التي توقظ القلب ، وترفع الحس ، وتحفز إلى التطلع والكمال . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَٱطۡمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِنَا غَٰفِلُونَ} (7)

قال أبو عبيدة وتابعه القتبي وغيره ، { يرجون } في هذه الآية بمعنى يخافون واحتجوا ببيت أبي ذؤيب : [ الطويل ]

إذا لسعته النحل لم يرج لسعها*** وخالفها في بيت نوب عواسل{[6024]}

وحكى المهدوي عن بعض أهل اللغة وقال ابن سيده والفراء : إن لفظة الرجاء إذا جاءت منفية فإنها تكون بمعنى الخوف ، وحكي عن بعضهم أنها تكون بمعناها في كل موضع تدل عليه قرائن ما قبله وما بعده ، فعلى هذا التأويل معنى الآية : إن الذين لا يخافون لقاءنا ، وقال ابن زيد : هذه الآية في الكفار ، وقال بعض أهل العلم : «الرجاء » في هذه الآية على بابه ، وذلك أن الكافر المكذب بالبعث ليس يرجو رحمة في الآخرة ولا يحسن ظناً بأنه يلقى الله ولا له في الآخرة أمل ، فإنه لو كان له فيها أمل لقارنه لا محالة خوف ، وهذه الحال من الخوف المقارن هي الفائدة إلى النجاة ، والذي أقول : إن الرجاء في كل موضع على بابه وإن بيت الهذلي معناه لم يرج فقد لسعها فهو يبني عليه ويصبر إذ يعلم أنه لا بد منه ، وقوله { ورضوا بالحياة الدنيا } يريد كانت آخر همهم ومنتهى غرضهم ، وأسند الطبري عن قتادة أنه قال في تفسير هذه الآية : إذا شئت رأيت هذا الموصوف ، صاحب دنيا لها يغضب ولها يرضى ولها يفرح ولها يهتم ويحزن ، فكأن قتادة صورها في العصاة ولا يترتب ذلك إلا مع تأول الرجاء على بابه ، إذ قد يكون العاصي المجلح{[6025]} مستوحشاً من آخرته ، فأما على التأويل الأول فمن لا يخاف لقاء الله فهو كافر ، وقوله { واطمأنوا بها } تكميل في معنى القناعة بها والرفض لغيرها وأن الطمأنينة بالشيء هي زوال التحرّك إلى غيره ، وقوله { والذين هم عن آياتنا غافلون } يحتمل أن يكون ابتداء إشارة إلى فرقة أخرى من الكفار وهؤلاء على هذا التأويل أضل صفقة لأنهم ليسوا أهل دنيا بل غفلة فقط{[6026]} .


[6024]:- جاء في اللسان: "وقال ثعلب: قال الفراء: الرجاء في معنى الخوف لا يكون إلا مع الجحد، تقول: ما رجوتك، أي: ما خفتك، ولا تقول: رجوتك بمعنى خفتك وأنشد لأبي ذؤيب: إذا لسعته...البيت. أي: لم يخف ولم يبال، ويروى: وحالفها".
[6025]:- المُجلّح في الأمر: الذي يقدم عليه في عزم وتصميم ويركب رأسه فلا يتراجع.
[6026]:- لم يذكر الاحتمال الثاني وهو أن يكون قوله تعالى: {والذين هم عن آياتنا غافلون} من عطف الصفات، فيكون الغافلون عن الآيات هم الذين لا يرجون لقاء الله.