البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَٱطۡمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِنَا غَٰفِلُونَ} (7)

الظاهر أن الرجاء هو التأميل والطمع أي : لا يؤملون لقاء ثوابنا وعقابنا .

وقيل : معناه لا يخافون .

قال ابن زيد : وهذه الآية في الكفار ، والمعنى أنّ المكذب بالبعث ليس يرجو رحمة في الآخرة ، ولا يحسن ظناً بأنه يلقى الله .

وفي الكلام محذوف أي : ورضوا بالحياة الدنيا من الآخرة كقوله : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة } والمعنى أنّ منتهى غرضهم وقصارى آمالهم إنما هو مقصور على ما يصلون إليه في الدنيا .

واطمأنوا أي سكنوا إليها ، وقنعوا بها ، ورفضوا ما سواها .

والظاهر أنّ قوله : والذين هم ، هو قسم من الكفار غير القسم الأول ، وذلك التكرير الموصول ، فيدل على المغايرة ، ويكون معطوفاً على اسم إنّ ويكون أولئك إشارة إلى صنفي الكفار ذي الدنيا المتوسع فيها الناظر في الآيات ، فلم يؤثر عنده رجاء لقاء الله ، بل رضي بالحياة الدنيا لتكذيبه بالبعث والجزاء ، والعادم التوسع الغافل عن آيات الله الدالة على الهداية .

ويحتمل أن يكون من عطف الصفات ، فيكون الذين هم عن آياتنا غافلون ، هم الذين لا يرجون لقاء الله .

والظاهر أنّ واطمأنوا بها عطف على الصلة ، ويحتمل أن يكون واو الحال أي : وقد اطمأنوا بها .

والآيات قيل : آيات القرآن .

وقيل : العلامات الدالة على الوحدانية والقدرة .

وقال ابن زيد : ما أنزلناه من حلال وحرام وفرض من حدود وشرائع أحكام ،