نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَٱطۡمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِنَا غَٰفِلُونَ} (7)

ولما أُشير بالآية إلى انقراض الدنيا بأن الحادث لا ثبات له ، وقام الدليل القطعي على المعاد ، ناسب تعقيبها بعيب{[37651]} من اطمأن إليها في سياق مبين أن سبب الطمأنينة إنكار الطمأنينة{[37652]} اعتقاداً أو حالاً ؛ ولما كان ختم تلك ب { يتقون } لاح أن ثمّ من يتقي ومن لا يتقي ؛ ولما كان المغرور أكثر ، بدأ به تنفيراً عن حاله ، لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح ، فقال مؤكداً لأجل إنكارهم : { إن الذين } ولما كان الخوف والرجاء معدن السعادة ، وكان الرجاء أقرب إلى الحث على الإقبال ، قال مصرحاً بالرجاء ملوحاً إلى الخوف : { لا يرجون لقاءنا } بالبعث بعد الموت ولا يخافون ما لنا من العظمة { ورضوا } أي عوضاً عن الآخرة { بالحياة الدنيا } أي{[37653]} فعملوا لها عمل المقيم فيها مع ما اشتملت عليه مما يدل على حقارتها { واطمأنوا } إليها {[37654]}مع الرضى{[37655]} { بها } طمأنينة من لا يزعج عنها مع ما يشاهدونه مع سرعة زوالها { والذين هم } أي خاصة { عن آياتنا } أي على ما لها من العظمة لا عن غيرها من الأحوال الدنيّة الفانية { غافلون } أي غريقون في الغفلة .


[37651]:من ظ، وفي الأصل: تعقيب.
[37652]:زيد بعده في الأصل: اعتقاد الطمأنينة، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.
[37653]:زيد من ظ.
[37654]:في ظ: راضين.
[37655]:في ظ: راضين.