30- وقيل للذين آمنوا باللَّه وابتعدوا عما يغضبه من قول أو فعل أو عقيدة : ما الذي أنزله ربكم على رسوله ؟ قالوا : أنزل عليه القرآن ، فيه خير الدنيا والآخرة للناس جميعا ، فكانوا بذلك من المحسنين . واللَّه - سبحانه - يكافئ المحسنين بحياة طيبة في هذه الحياة الدنيا ، ويكافئهم في الآخرة بما هو خير وأحسن مما نالوه في الدنيا . ولنعم الدار التي يقيم فيها المتقون في الآخرة .
قوله تعالى : { وقيل للذين اتقوا } وذلك أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا جاء سأل الذين قعدوا على الطرق عنه ، فيقولون : ساحر ، كاهن ، شاعر ، كذاب ، مجنون ، ولو لم تلقه خير ، فيقول السائل : أنا شر وافد إن رجعت إلى قومي دون أن أدخل مكة فألقاه ، فيدخل مكة فيرى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيخبرونه بصدقه وأنه نبي مبعوث . فذلك قوله : { وقيل للذين اتقوا } { ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً } يعني : أنزل خيراً . ثم ابتدأ فقال : { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة } ، كرامة من الله . قال ابن عباس :هي تضعيف الأجر إلى العشر . وقال الضحاك : هي النصر والفتح . وقال مجاهد : هي الرزق الحسن . { ولدار الآخرة } ، أي ولدار الحال الآخرة ، { خير ولنعم دار المتقين } ، قال الحسن : هي الدنيا ، لأن أهل التقوى يتزودون فيها للآخرة . وقال أكثر المفسرين : هي الجنة ، ثم فسرها فقال { جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاؤون كذلك يجزي الله المتقين } .
وعلى الجانب الآخر . . الذين اتقوا . . يقابلون المتكبرين المستكبرين في المبدأ والمصير :
( وقيل للذين اتقوا : ماذا أنزل ربكم ؟ قالوا : خيرا . للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ، ولدار الآخرة خير ، ولنعم دار المتقين . جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار ، لهم فيها ما يشاءون ، كذلك يجزي الله المتقين . الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ، يقولون : سلام عليكم ، ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) . .
إن المتقين يدركون أن الخير هو قوام هذه الدعوة ، وقوام ما أنزل ربهم من أمر ونهي وتوجيه وتشريع . فيلخصون الأمر كله في كلمة : قالوا : خيرا ثم يفصلون هذا الخير حسبما علموا مما أنزل الله : ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) حياة حسنة ومتعة حسنة ، ومكانة حسنة . ( ولدار الآخرة خير ) من هذه الدار الدنيا ( ولنعم دار المتقين ) . .
وقوله { وقيل للذين اتقوا } الآية ، لما وصف تعالى مقالة الكفار الذين قالوا أساطير الأولين ، عادل ذلك بذكر مقالة المؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأوجب لكل فريق ما يستحق لتتباين المنازل بين الكفر والإيمان ، و { ماذا } تحتمل ما ذكر في التي قبلها{[7286]} ، وقولهم { خيراً } جواب بحسب السؤال ، واختلف المتأولون في قوله تعالى { للذين أحسنوا } إلى آخر الآية ، فقالت فرقة : هو ابتداء كلام من الله مقطوع مما قبله ، لكنه بالمعنى وعد متصل بذكر إحسان المتقين في مقالتهم ، وقالت فرقة : هو من كلام الذين { قالوا خيراً } وهو تفسير للخير الذي أنزل الله في الوحي على نبينا{[7287]} خبراً أن من أحسن في الدنيا بطاعة فله حسنة في الدنيا ونعيم في الآخرة بدخول الجنة ، وروى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة »{[7288]} وقد تقدم القول في إضافة «الدار » إلى الآخرة وباقي الآية بين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.