فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡۚ قَالُواْ خَيۡرٗاۗ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۚ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞۚ وَلَنِعۡمَ دَارُ ٱلۡمُتَّقِينَ} (30)

ثم أتبع أوصاف الأشقياء بأوصاف السعداء ، فقال : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتقوا } وهم المؤمنون { مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا } أي : أنزل خيراً . قال الثعلبي : فإن قيل : لم ارتفع الجواب في قوله : { أساطير الأوّلين } وانتصب في قوله : { خيراً } ؟ فالجواب أن المشركين لم يؤمنوا بالتنزيل ، فكأنهم قالوا : الذي [ يقوله ] محمد هو أساطير الأوّلين ، والمؤمنون آمنوا بالنزول . فقال : أنزل خيراً { لّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذه الدنيا حَسَنَةٌ } قيل : هذا من كلام الله عزّ وجلّ ، وقيل : هو حكاية لكلام الذين اتقوا ، فيكون على هذا بدلاً من { خيراً } ، وعلى الأوّل يكون كلاماً مستأنفاً مسوقاً للمدح للمتقين ، والمعنى : للذين أحسنوا أعمالهم في الدنيا حسنة أي : مثوبة حسنة { وَلَدَارُ الآخرة } أي : مثوبتها { خَيْرٌ } مما أوتوا في الدنيا { وَلَنِعْمَ دَارُ المتقين } دار الآخرة ، فحذف المخصوص بالمدح لدلالة ما قبله عليه .