فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡۚ قَالُواْ خَيۡرٗاۗ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۚ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞۚ وَلَنِعۡمَ دَارُ ٱلۡمُتَّقِينَ} (30)

{ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ( 30 ) } .

ثم اتبع أوصاف الأشقياء بأوصاف السعداء فقال : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ } وهم المؤمنون { مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا } أي أنزل خيرا ، ورفع الأول ونصب هذا فرقا بين جواب المقر وجواب الجاحد { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ } قيل هذا من كلام الله عز وجل ، وقيل هو حكاية لكلام الذين اتقوا فيكون هذا بدلا من خير . قاله الزمخشري . وعلى الأول يكون كلاما مستأنفا مسوقا لمدح المتقين .

والمعنى للذين أحسنوا أعمالهم بالإيمان في الدنيا مثوبة حسنة مضاعفة من الواحد إلى العشرة إلى السبعمائة إلى أضعاف كثيرة . وقال قتادة : أحسنوا أي آمنوا بالله وكتبه ورسله ، وأمروا بطاعة الله وحثوا عباد الله على الخير ودعوهم إليه .

قال الضحاك : هي النصر والفتح ، وقال مجاهد : هي الرزق الحسن . وقيل الحياة الطيبة وهي استحقاق المدح والثناء أو فتح أبواب المشاهدات والمكاشفات . قاله الكرخي .

{ وَلَدَارُ الآخِرَةِ } أي مثوبتها وهي الجنة { خَيْرٌ } مما أتوا في الدنيا { وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ } دار الآخرة فحذف المخصوص بالمدح لدلالة ما قبله عليه { جنات عدن } أي بساتين إقامة من عدن بالمكان إذا أقام به . قيل يجوز أن يكون هو المخصوص بالمدح فيجيء فيها ثلاثة أوجه : رفعها بالابتداء والجملة المتقدمة خبرها ، أو رفعها خبرا لمبتدأ مضمر أو رفعها بالابتداء والخبر محذوف وهو أضعفها ، ويجوز أن يكون جنات عدن خبر مبتدأ مضمر لا على ما تقدم بل يكون المخصوص محذوفا تقديره ولنعم دارهم هي جنات ، وقدره الزمخشري ولنعم دار المتقين دار الآخرة ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر الجملة من قوله يدخلونها ، ويجوز أن يكون الخبر مضمرا تقديره لهم جنات دل عليه قوله للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة . قاله السمين .