قوله عز وجل { وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً } وذلك أن أحياء العرب كانوا يبعثون إلى مكة أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا جاء الوافد سأل الذين كانوا يقعدون على طرقات مكة من الكفار فيقولون : هو ساحر كاهن شاعر كذاب مجنون وإذا لم تلقه خير لك . فيقول الوافد : أنا شر وافد إن رجعت إلى قومي من دون أن أدخل مكة فألقاه فيدخل مكة ، فيرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسألهم عنه فيخبرونه بصدقه ، وأمانته وأنه نبي مبعوث من الله عز وجل ، فذلك قوله سبحانه وتعالى : وقيل الذين اتقوا يعني اتقوا الشرك ، وقول الزور والكذب ماذا أنزل ربكم ؟ قالوا : خيراً يعني أنزل خيراً فإن قلت لم رفع الأول وهو قوله : أساطير الأولين ونصب الثاني ، وهو قوله قالوا خيراً قلت ليحصل الفرق بين الجوابين جواب المنكر الجاحد ، وجواب المقر المؤمن وذلك أنهم لما سألوا الكفار عن المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا : هو أساطير الأولين وليس هو من الإنزال في شيء لأنهم لم يعتقدوا كونه منزلاً ولما سألوا المؤمنين على المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم لم يتلعثموا ، وأطبقوا الجواب على السؤال بيّناً مكشوفاً معقولاً للإنزال فقالوا : خيراً أي أنزل خيراً ، وتم الكلام عند قوله خيراً فهو ، وقف تام ثم ابتدأ بقوله تعالى { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة } يعني الذين أتوا بالأعمال الصالحة الحسنة ثوابها حسنة مضاعفة من الواحد إلى العشرة إلى السبعمائة إلى أضعاف كثيرة ، وقال الضحاك : هي النصر والفتح . وقال مجاهد : هي الرزق الحسن . فعلى هذا يكون معنى الآية للذين أحسنوا ثواب إحسانهم في هذه الدنيا حسنة ، وهي النصر والفتح والرزق الحسن ، وغير ذلك مما أنعم الله به على عباده في الدنيا ، ويدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى { ولدار الآخرة خير } يعني ما لهم في الآخرة مما أعد الله لهم في الجنة خير مما يحصل لهم في الدنيا { ولنعم دار المتقين } يعني الجنة وقال الحسن : هي الدنيا لأن أهل التقوى يتزودون منها إلى الآخرة والقول الأول أولى وهو قول جمهور المفسرين لأن الله فسر هذه الدار بقوله { جنَّات عدن } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.