قوله عز وجل{ إن الذين كفروا ينادون } يوم القيامة وهم في النار وقد مقتوا أنفسهم حين عرضت عليهم سيئاتهم ، وعاينوا العذاب فيقال لهم { لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } يعني : لمقت الله إياكم في الدنيا في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون ، أكبر من مقتكم اليوم أنفسكم عند حلول العذاب بكم .
وبينما أن حملة العرش ومن حوله يتجهون إلى ربهم بهذا الدعاء لإخوانهم المؤمنين . نجد الذين كفروا في الموقف الذي تتطلع كل نفس فيه إلى المعين وقد عز المعين . نجد الذين كفروا هؤلاء - وقد انبتت العلاقات بينهم وبين كل أحد وكل شيء في الوجود . وإذا هم ينادون من كل مكان بالترذيل والمقت والتأنيب . وإذا هم في موقف الذلة بعد الاستكبار . وفي موقف الرجاء ولات حين رجاء :
( إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون قالوا : ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا ، فهل إلى خروج من سبيل ? ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ،
وإن يشرك به تؤمنوا ، فالحكم لله العلي الكبير ) . .
والمقت : أشد الكره . وهم ينادون من كل جانب . إن مقت الله لكم يوم كنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون ، أشد من مقتكم لأنفسكم وأنتم تطلعون اليوم على ما قادتكم إليه من شر ونكر ، بكفرها وإعراضها عن دعوة الإيمان ، قبل فوات الأوان . . وما أوجع هذا التذكير وهذا التأنيب في ذلك الموقف المرهوب العصيب !
ثم أخبر تعالى بحال الكفار وجعل ذلك عقب حال المؤمنين ليبين الفرق ، وروي أن هذه الحال تكون للكفار عند دخولهم النار ، فإنهم إذا أدخلوا فيها مقتوا أنفسهم ، أي مقت بعضهم بعضاً . ويحتمل أن يمقت كل واحد نفسه ، فإن العبارة تحتمل المعنيين ، والمقت هو احتقار وبغض عن ذنب وريبة . هذا حده ، وإذا مقت الكفار أنفسم نادتهم ملائكة العذاب على جهة التوبيخ ، فيقولون لهم : مقت الله إياكم في الدنيا إذ كنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون { أكبر من مقتكم أنفسكم } اليوم ، هذا هو معنى الآية ، وبه فسر مجاهد وقتادة وابن زيد . وأضاف المصدر إلى الفاعل في قوله : { لمقت الله } والمفعول محذوف لأن القول يقتضيه . واللام في قوله : { لمقت } يحتمل أن تكون لام ابتداء ، ويحتمل أن تكون لام القسم ، وهذا أصوب . و : { أكبر } خبر الابتداء ، والعامل في : { إذ } فعل مضمر تقديره : مقتكم إذ ، وقدره قوم اذكروا ، وذلك ضعيف يحل ربط الكلام ، اللهم إلا أن يقدر أن مقت الله لهم هو في الآخرة ، وأنه أكبر من مقتهم أنفسهم ، فيصح أن يقدر المضمر اذكروا ، ولا يجوز أن يعمل فيه قوله : { لمقت } لأن خبر الابتداء قد حال بين المقت و { إذ } ، وهي في صلته ، ولا يجوز ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.