تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

الآية 10 وقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ } الآية ذكر أهل النار [ إذا دخلوا النار ]{[18162]} وعاينوا ما أنكروا من البعث والعذاب يجعل كل إنسان منهم يمقت نفسه ، ويلومها ، فينادون لمقت الله إياكم في ما أوجب عليكم من اللعن والنقمة أكثر مما تمقتون به أنفسكم ، وأشد . هذا وجه ، [ ووجه ]{[18163]} آخر جائز [ وهو ]{[18164]} أن يقال لهم : إن الواجب عليكم أن تروا مقت الله إياكم وقت ارتكابكم العصيان وعند تعاطيكم ما تعاطيتم أكبر وأشد من مقتكم العذاب ودخولكم النار ، لأنكم إذا رأيتم مقت الله إياكم عند ارتكابكم ما ارتكبتم أنه يُنزل بكم لَزَجركم ومَنعكم عن ارتكاب ذلك وتعاطيه ، وحملكم على إيثار ما دعيتم إليه من التوحيد لله تعالى والإيمان به ، والله تعالى أعلم .

وعلى هذين التأويلين يرجع تأويل قوله : { ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون } [ العنكبوت : 45 ] :

أحدهما : أن ذكر الله تعالى إياكم بالرحمة والمغفرة أكبر وأعظم من ذكركم إياه وصلاتكم وعبادتكم له .

والثاني : أن ذكر نفسٍ نهي الله تعالى إياها عن المعاصي وقت ارتكابها أكبر [ من الزجر ]{[18165]} عنها والمنع من الصلاة نفسها [ وإن كانت الصلاة تنهى عن ذلك بقوله : ]{[18166]} { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر } [ العنكبوت : 45 ] لما أن الصلاة منها أعمال تشغل عن ذكر النهي ، والله أعلم .

ثم قوله تعالى : { مقتكم أنفسكم } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن مقت بعضكم بعضا كقوله : { يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا } .

[ والثاني ]{[18167]} : يحتمل ذلك لقوله : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } أي يمقت كل إنسان نفسه لما كان [ منها ]{[18168]} من العصيان والكفر .

وإنما احتمل هذين الوجهين لأن المنع لهم من طاعة الله تعالى واتباع أمره ونهيه يكون بأنفسهم ، ويكون من بعضهم بعضا . فيكون محتملا لكلا الوجهين . وهو كقوله تعالى : { فإذا دخلتم بيوتا فسلّموا على أنفسكم تحية من عند الله } [ النور : 61 ] وقوله : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ البقرة : 195 } ولا تهلكوا بعضكم بعضا{[18169]} /475 – أ/ إذ الظاهر أن المرء مع قيام عقله لا يهلك نفسه ، ولا يلقيها في التهلكة ، وكذا لا يسلِّم على نفسه .

ويحتمل الظاهر أيضا أن يسلّم [ المرء ]{[18170]} على نفسه إذا دخل البيت ، ولم يكن فيه{[18171]} غيره .

ولذلك نهى عن إهلاك نفسه عند شدة الغضب ونحو ذلك ، والله أعلم .


[18162]:من م، ساقطة من الأصل.
[18163]:من م، ساقطة من الأصل.
[18164]:ساقطة من الأصل وم.
[18165]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: في الرحمن.
[18166]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: إن كانت.
[18167]:ساقطة من الأصل وم.
[18168]:ساقطة من الأصل وم.
[18169]:في الأصل وم: لبعض.
[18170]:ساقطة من الأصل وم.
[18171]:في الأصل وم: معه.