فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

ثم لما ذكر سبحانه أصحاب النار وأنهم حقت عليهم كلمة العذاب ، ذكر أحوالهم بعد دخول النار فقال : . { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ } قال الواحدي . قال المفسرون إنهم لما رأوا أعمالهم ونظروا في كتابهم ، وأدخلوا النار ، ومقتوا أنفسهم بسوء صنيعهم ، ناداهم حين عاينوا عذاب الله مناد : { لَمَقْتُ اللَّهِ } إياكم في الدنيا { أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ } اليوم ، أو من مقت بعضكم بعضا اليوم قال الأخفش : هذه اللام هي لام الابتداء وقعت بعد ينادون ، لأن معناه يقال لهم ، والنداء قول ، قال الكلبي : يقول كل إنسان من أهل النار لنفسه مقتك يا نفسي ، فتقول الملائكة لهم وهم في النار : لمقت الله إياكم إذ أنتم في الدنيا أشد من مقتكم أنفسكم اليوم . وقال الحسن يعطون كتابهم فإذا نظروا إلى سيئاتهم مقتوا أنفسهم فينادون لمقت الله إياكم في الدنيا ،

{ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ } فتكفرون أكبر من مقتكم إذ عاينتم النار والظرف منصوب بمقدر محذوف دل عليه المذكور ، أي مقته تعالى إياكم وقت دعائكم ، وقيل هو اذكروا ، وقيل بالمقت المذكور أولا ، والمقت أشد البغض ، والمراد به هنا لازمه وهو الغضب عليهم ، وتعذيبهم ، قاله أبو السعود وقال الكرخي المراد منه هنا أشد الإنكار والزجر { فَتَكْفُرُونَ } أي فتصرون على الكفر إتباعا لأنفسكم الأمارة ، ومسارعة إلى هواها ، واقتداء بأخلائكم المضلين ، وتقليدا لأسلافكم المتقدمين ، واستحبابا لآرائهم .