غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

1

ثم إنه تعالى عاد إلى شرح أحوال الكفرة المجادلين في آياته وأنهم سيعترفون يوم القيامة بما كانوا ينكرونه في الدنيا من البعث ، وذلك إذا عاينوا النشأة وتذكروا النشأة الأولى فقال { إن الذين كفروا ينادون } أي يوم القيامة . وفي الآية حذف وفيها تقديم وتأخير . أما الحذف فالتقدير لمقت الله أنفسكم أكبر من مقتكم أنفسكم ، فاستغنى بذكرها مرة . وأما التقديم والتأخير فهو أن قوله { إذ تدعون } منصوب بالمقت الأول . وفي المقت وجوه : الأول كان الله يمقت أنفسكم الأمارة بالسوء والكفر حين كان الأنبياء يدعونكم إلى الإيمان فتأبون ، وذلك أشد من مقتكم أنفسكم اليوم في النار إذ أوقعتكم فيها باتباعكم هواهّن وفيه توبيخ . ولا ريب أن سخط الله وبغضه الشديد لا نسبة له إلى سخط غيره ولهذا أوردهم النار . الثاني عن الحسن : لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم فنودوا بلسان خزنة جهنم لمقت الله وهو قريب من الأول . الثالث قال محمد بن كعب : إذا خطبهم إبليس وهم في النار بقوله { وما كان لي عليكم من سلطان } إلى قوله { ولوموا أنفسكم } [ إبراهيم : 22 ] وفي هذه الحالة مقتوا أنفسهم . فلعل المعنى . لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض ومن لعنه إياه .

/خ22