ثم إنه تعالى بعد أن ذكر أحوال المؤمنين عاد إلى ذكر أحوال الكافرين المجادلين في آيات الله تعالى وهم المذكورون في قوله تعالى : { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } ( غافر : 4 ) فقال تعالى مستأنفاً مؤكداً لإنكارهم آيات الله تعالى : { إن الذين كفروا } أي : أوقعوا الكفر ولو لحظة { ينادون } يوم القيامة وهم في النار وقد مقتوا أنفسهم حين عرض عليهم سيئاتهم وعاينوا العذاب فيقال لهم : { لمقت الله } أي : الملك الأعظم إياكم { أكبر } والتقدير : لمقت الله لأنفسكم أكبر { من مقتكم أنفسكم } فاستغنى بذكرها مرة وقوله تعالى : { إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } منصوب بالمقت الأول والمعنى : أنه يقال لهم يوم القيامة : كان الله تعالى يمقت أنفسكم الأمارة بالسوء والكفر حين كان يدعوكم إلى الإيمان فتأبون قبوله وتختارون عليه الكفر ، أشد ما تمقتونهن اليوم وأنتم في النار إذا وقعتم فيها باتباعكم هواهن . وذكروا في تفسير مقتهم أنفسهم وجوهاً ؛ أولها : أنهم إذا شاهدوا القيامة والجنة والنار مقتوا أنفسهم على إصرارهم على التكذيب بهذه الأشياء في الدنيا . ثانيها : أن الأتباع يشتد مقتهم للرؤساء الذين يدعونهم إلى الكفر في الدنيا ، والرؤساء أيضاً يشتد مقتهم للأتباع فعبر عن مقت بعضهم بعضاً بأنهم مقتوا أنفسهم كقوله تعالى : { اقتلوا أنفسكم } ( النساء : 66 ) والمراد أن يقتل بعضكم بعضاً . ثالثها : قال محمد بن كعب : إذا خطبهم إبليس وهو في النار بقوله : { ما كان لي عليكم من سلطان } إلى قوله { ولوموا أنفسكم } ( إبراهيم : 22 ) ، ففي هذه الحالة مقتوا أنفسهم . وأما الذين ينادون الكفار بهذا الكلام فهم خزنة جهنم ، وعن الحسن : لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم فنودوا لمقت الله أكبر ، وقيل : معناه لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض كقوله تعالى : { يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً } ( العنكبوت : 25 ) و{ إذ تدعون } تعليل ، والمقت : أشد البغض وذلك في حق الله تعالى محال فالمراد منه : أبلغ الإنكار وأشده ، وعن مجاهد : مقتوا أنفسهم حين رأوا أعمالهم ومقت الله تعالى إياهم في الدنيا ، إذ يدعون إلى الإيمان فيكفرون أكبر ، وقال الفراء : معناه : ينادون إن مقت الله يقال : ناديت أن زيداً قائم وناديت لزيد قائم ، وقرأ أبو عمرو وهشام وحمزة والكسائي بإدغام الذال في التاء والباقون بالإظهار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.