فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

لما ذكر سبحانه حال أصحاب النار ، وأنها حقت عليهم كلمة العذاب ، وأنهم أصحاب النار ذكر أحوالهم بعد دخول النار ، فقال : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ } . قال الواحدي : قال المفسرون : إنهم لما رأوا أعمالهم ، ونظروا في كتابهم ، وأدخلوا النار ، ومقتوا أنفسهم بسوء صنيعهم ناداهم حين عاينوا عذاب الله مناد { لَمَقْتُ الله } إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون { أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } اليوم . قال الأخفش : هذه اللام في لمقت هي لام الابتداء أوقعت بعد ينادون ؛ لأن معناه يقال لهم ، والنداء قول . قال الكلبي : يقول كل إنسان لنفسه من أهل النار : مقتك يا نفس ، فتقول الملائكة لهم ، وهم في النار : لمقت الله إياكم في الدنيا أشدّ من مقتكم أنفسكم اليوم . وقال الحسن : يعطون كتابهم ، فإذا نظروا إلى سيئاتهم مقتوا أنفسهم ، فينادون : لمقت الله إياكم في الدنيا { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمان } أكبر من مقتكم أنفسكم إذ عاينتم النار ، والظرف في { إِذْ تَدْعُونَ } منصوب بمقدّر محذوف دلّ عليه المذكور ، أي مقتكم وقت دعائكم . وقيل : بمحذوف هو اذكروا . وقيل : بالمقت المذكور ، والمقت أشدّ البغض .