قوله تعالى :{ ولما بلغ أشده } ، منتهى شبابه وشدته وقوته . قال مجاهد : ثلاثا وثلاثين سنة . وقال السدي : ثلاثين سنة . وقال الضحاك : عشرين سنة . وقال الكلبي : الأشد ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة . وسئل مالك رحمه الله عن الأشد قال : هو الحلم . { آتيناه حكماً وعلماً } ، فالحكم : النبوة ، والعلم : الفقه في الدين . وقيل : حكما يعني : إصابة في القول : وعلما : بتأويل الرؤيا . وقيل : الفرق بين الحكيم والعالم ، أن العالم : هو الذي يعلم الأشياء ، والحكيم : الذي يعمل بما يوجبه العلم . { وكذلك نجزي المحسنين } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : المؤمنين . وعنه أيضا المهتدين . وقال الضحاك : الصابرين على النوائب كما صبر يوسف عليه السلام .
وقوله : { وَلَمَّا بَلَغَ } أي : يوسف عليه السلام { أَشُدَّهُ } أي : استكمل عقله{[15105]} وتم خلقه . { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } يعني : النبوة ، إنه حباه بها بين أولئك الأقوام ، { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } أي : إنه كان محسنًا في عمله ، عاملا بطاعة ربه تعالى .
وقد اختُلِف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده ، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : ثلاث وثلاثون . وعن ابن عباس : بضع وثلاثون . وقال الضحاك : عشرون . وقال الحسن : أربعون سنة . وقال عكرمة : خمس وعشرون سنة . وقال السدي : ثلاثون سنة . وقال سعيد بن جبير : ثمانية عشرة سنة . وقال الإمام مالك ، وربيعة ، وزيد بن أسلم ، والشعبي : الأشد الحلم . وقيل غير ذلك ،
والله{[15106]} أعلم .
{ ولما بلغ أشدّه } منتهى اشتداد جسمه وقوته وهو سن الوقوف ما بين الثلاثين والأربعين ، وقيل سن الشباب ومبدؤه بلوغ الحلم . { آتيناه حكما } حكمة وهو العلم المؤيد بالعمل ، أو حكما بين الناس . { وعلما } يعني علم تأويل الأحاديث . { وكذلك نجزي المحسنين } تنبيه على أنه تعالى إنما آتاه ذلك جزاء على إحسانه في عمله وإتقانه في عنفوان أمره .
هذا إخبار عن اصطفاء يوسف عليه السّلام للنبوءة . ذكر هنا في ذكر مبدأ حلوله بمصر لمناسبة ذكر منّة الله عليه بتمكينه في الأرض وتعليمه تأويل الأحاديث .
والأشدُّ : القوة . وفسر ببلوغه ما بين خمس وثلاثين سنة إلى أربعين .
والحكم والحكمة مترادفان ، وهو : علم حقائق الأشياء والعمل بالصالح واجتناب ضده . وأريد به هنا النبوءة كما في قوله تعالى في ذكر داود وسليمان عليهما السّلام { وكلاً آتينا حكماً وعلماً } [ سورة الأنبياء : 79 ] . والمراد بالعلم علم زائد على النبوءة .
وتنكير { علماً } للنوعية ، أو للتعظيم . والمراد : علم تعبير الرؤيا ، كما سيأتي في قوله تعالى عنه : { ذلكما ممّا علّمني ربي } [ سورة يوسف : 37 ] .
وقال فخر الدين : الحكم : الحكمةُ العملية لأنها حكمٌ على هدى النفس . والعلمُ : الحكمةُ النظرية .
والقول في { وكذلك نجزي المحسنين } كالقول في نظيره ، وتقدم عند قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً } في سورة البقرة ( 143 ) .
وفي ذكر { المحسنين } إيماء إلى أنّ إحسانه هو سبب جزائه بتلك النعمة .
وفي هذا الذي دبّره الله تعالى تصريح بآية من الآيات التي كانت في يوسف عليه السّلام وإخوته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.