نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (22)

ولما أخبر تعالى يوسف عما يريد بيوسف عليه الصلاة والسلام بما ختمه بالإخبارعن قدرته ، أتبعه الإعلام بإيجاد ذلك الفعل دلالة على تمام القدرة وشمول العلم فقال : { ولما بلغ أشده } أي مجتمع قواه { آتيناه } أي{[40991]} بعظمتنا { حكماً } أي نبوة أو ملكة يكف بها النفس عن هواها ، من حكمة الفرس{[40992]} ، فلا يقول ولا يفعل إلا أمراً فصلاً{[40993]} تدعو إليه الحكمة ؛ قال الرماني : والأصل في الحكم تبيين ما يشهد به الدليل ، لأن الدليل حكمة{[40994]} من أجل أنه يقود إلى المعرفة { وعلماً } أي تبييناً{[40995]} للشيء على ما هو عليه جزاء له{[40996]} لأنه محسن { وكذلك } أي ومثل ذلك الجزاء الذي جزيناه{[40997]} به { نجزي المحسنين * } أي العريقين{[40998]} في الإحسان كلهم الذين رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي أسرى به فأعلاه ما{[40999]} لم يعل غيره{[41000]} ؛ وعن الحسن : من أحسن عبادة الله في شبيبته{[41001]} آتاه الله{[41002]} الحكمة في اكتهاله{[41003]} ، والأشد : كمال القوة ، وهو جمع شدة عند سيبوبه مثل نعمة وأنعم ، وقال غيره : جمع شد{[41004]} ؛ قال ابن فارس{[41005]} في المجمل : وبعضهم{[41006]} يقول : لا واحد لها ، ويقال : واحدها شد - انتهى . قيل{[41007]} : وهذا هو القياس نحو ضب وأضب ، وصك وأصك ، وحظ وأحظ ، وضر وأضر ، وشر وأشر قال الرماني : قال الشاعر :

هل غير أن كثر الأشرّ وأهلكت *** حرب الملوك أكاثر الأموال

انتهى .

واختلفوا في حد الأشد فقيل : هو من الحلم{[41008]} ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه من عشرين سنة ، وروى غير ذلك ، والمادة تدور{[41009]} على الصعوبة ، وهي ضد الرخاوة ، ويلزمها القوة ، فالشد على العدو منها ، وشد الحبل وغيره : أحكم فتله ، والشديد والمتشدد{[41010]} : البخيل - لصعوبة{[41011]} البذل عليه ، والشدة : صعوبة الزمان ، وشد النهار : ارتفاعه ، وهو قوته ، وشددت فلاناً : قويت يده ودبرت أمره ، وأشد{[41012]} القوم - إذا كانت دوابهم شداداً فهم مشدون ضد مضعفين .


[40991]:سقط من م.
[40992]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: النفوس؛ وحكمة الفرس: ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه.
[40993]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فعلا.
[40994]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: حكمه.
[40995]:في م: تبينا.
[40996]:زيد من م ومد.
[40997]:زيد بعده في الأصل و ظ: بها، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[40998]:في مد: الغريقين.
[40999]:في م: لم يفعل غيره، وفي مد: لم يعل بغيره- كذا.
[41000]:في م: لم يفعل غيره، وفي مد: لم يعل بغيره- كذا.
[41001]:من البحر 5/293 وروح المعاني 4/32، وفي الأصول: شيبته.
[41002]:زيد من البحر والروح.
[41003]:زيد من م ومد والبحر والروح.
[41004]:راجع البحر 5/292 بالإضافة إلى اللسان (شدد).
[41005]:هو أحمد بن فارس القزويني للغوي المشهور، له عديد من المصنفات وعلى رأسها مجمل اللغة.
[41006]:هو أبو عبيدة- كما صرح به في البحر.
[41007]:زيد من ظ و م ومد.
[41008]:عزى هذا القول إلى الإمام مالك في لباب التأويل 3/223.
[41009]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: يدور.
[41010]:من مد والقاموس، وفي الأصل و ظ و م: المشدد.
[41011]:في مد: الصعوبة- كذا.
[41012]:من ظ و م ومد والقاموس، وفي الأصل: أشر.