الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (22)

{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } أي منتهى شبابه وشدّة قوته ، قال مجاهد : ثلاثاً وثلاثين سنة ، الضحاك : عشرين سنة ، وروى ابن عباس أنه ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة ، وقيل : إلى أربعين ، وقيل : إلى ستين ، والأشُدّ : جمع شد ، مثل قدّ ، أقُدّ ، وشرّ وأشُرّ ، وضر وأضرّ ، قال حميد :

وقد أتى لو تعبت العواذل *** بعد الاشل أربع كوامل

قال الشاعر :

هل غير أن كثر الأشل وأهلكت *** حرب الملوك أكاثر الأموال

{ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } قال مجاهد : العقل والفهم والعلم قبل النبوة ، وقال أهل المعاني : يعني إصابة في القول ، وعلماً بتأويل الرؤيا وموارد الأُمور ومصادرها .

{ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } قال ابن عباس : المؤمنين ، وعنه أيضاً : المهتدين ، وقال [ الصدوق ] عن الضحاك : يعني الصابرين على النوائب كما صبر يوسف ، وقال محمد بن كعب : هذا وإن كان مخرج ظاهره على كل محسن ، فإن المراد به محمد نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : كما فعلت بيوسف بعدما لقي من إخوته ما لقي وقاسى من البلاء ما قاسى فمكّنته في الأرض ، ووطّأت له في البلاد ، وآتيته الحكم والعلم فكذلك أفعل بك ، أنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة ، وأُمكّن لك في الأرض ، وأزيدك الحكم والعلم ؛ لأن ذلك جزائي لأهل الإحسان في أمري ونهيي .