ثم إنه سبحانه بين وقت استكمال أمره فقال :{ ولما بلغ أشدّة } قيل في الأشد ثماني عشرة سنة وعشرون ، وثلاث وثلاثون وأربعون إلى ثنتين وستين { آتيناه حكماً وعلماً } فالحكم الحكمة العملية والعلم الحكمة النظرية ، وإنما قدمت العملية لأن أصحاب الرياضيات والمجاهدات يصلون أوّلاً إلى الحكمة العملية ثم إلى العلم اللدني بخلاف أصحاب الأفكار والأنظار ، والأول هو طريقة يوسف لأنه صبر على البلاء ، والمحن ففتح عليه أبواب المكاشفات ، وقيل : الحكم النبوّة لأن النبي حاكم على الخلق والعلم علم الدين . وقيل : الحكم صيرورة نفسه المطمئنة حاكمة على النفس الأمارة قاهرة لها ، فحينئذٍ تفيض الأنوار القدسية والأضواء الإلهية من عالم القدس على جوهر النفس . والتحقيق في هذا الباب أن استكمال النفس الناطقة إنما يتيسر بواسطة استعمال الآلات الجسدانية ، وفي أوان الصغر تكون الرطوبات مستولية عليها فتضعف تلك الآلات ، فإذا كبر الإنسان واستولت الحرارة الغريزية على البدن نضجت تلك الرطوبات وقلت واعتدلت فصارت الآلات صالحة لأن تستعملها النفس الإنسانية في تحصيل المعارف واكتساب الحقائق . فقوله { ولما بلغ أشده } إشارة إلى اعتدال الآلات البدنية ، وقوله : { آتيناه حكماً وعلماً } إشارة إلى استكمال النفس الناطقة وقوة لمعان الأضواء القدسية فيها . قال في الكشاف : { وكذلك نجزي المحسنين } فيه تنبيه على أنه كان محسناً في عمله متقياً في عنفوان أمره ، وأن الله آتاه الحكم والعلم جزاء على إحسانه . واعترض عليه بأن النبوة غير مكتسبة . والحق أن الكل بفضل الله ورحمته ولكن للوسائط والمعدات مدخل عظيم في كل ما يصل إلى الإنسان من الفيوض والآثار ، فالأنوار السابقة تصير سبباً للأضواء اللاحقة وهلم جراً . عن الحسن : من أحسن عبادة ربه في شبيبته آتاه الله الحكمة في اكتهاله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.