البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (22)

والأشد عند سيبويه جمع واحد شدة ، وأشد كنعمة وأنعم .

وقال الكسائي : شد وأشد نحو صك وأصك ، وقال الشاعر :

عهدي به شد النهار كأنما *** خضب البنان ورأسه بالعظلم

وزعم أبو عبيدة أنه لا واحد له من لفظه عند العرب والأشد بلوغ الحلم قاله : الشعبي ، وربيعة ، وزيد بن أسلم ، أو سبعة عشر عاماً إلى نحو الأربعين قاله الزجاج ، أو ثمانية عشر إلى ستين أو ثمانية عشر قاله عكرمة ، ورواه أبو صالح عن ابن عباس ، أو عشرون قاله الضحاك ، أو إحدى وعشرون سنة أو ثلاثون أو ثلاثة وثلاثون قاله مجاهد وقتادة .

ورواه ابن جبير عن ابن عباس ، أو ثمان وثلاثون حكاه ابن قتيبة ، أو أربعون قاله الحسن .

وسئل الفاضل النحوي مهذب الدين محمد بن علي بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه الخيمي عن الأشد فقال : هو خمس وثلاثون ، وتمامه أربعون .

وقيل : أقصاه اثنان وستون .

والحلم الحكم ، والعلم النبوّة .

وقيل : الحكم بين الناس ، والعلم : الفقه في الدين .

وهذا أشبه لمجيء قصة المراودة بعد هذه القصة ، وكذلك أي : مثل ذلك الجزاء لمن صبر ورضي بالمقادير نجزي المحسنين .

وفيه تنبيه على أن يوسف كان محسناً في عنفوان شبابه فآتاه الله الحكم والعلم جزاء على إحسانه .

وعن الحسن : من أحسن عبادة الله في شبيبته آتاه الله الحكمة في اكتهاله .

وقال ابن عباس : المحسنين المهتدين ، وقال الضحاك : الصابرين على النوائب .