المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

164- واذكر أيضا لهؤلاء اليهود إذ قالت جماعة من صلحاء أسلافهم - لم يقعوا فيما وقع فيه غيرهم - لمن يعظون أولئك الأشرار : لأي سبب تنصحون قوما اللَّه مهلكهم بسبب ما يرتكبون أو معذبهم في الآخرة عذابا شديدا ؟ ! قالوا : وعظناهم اعتذاراً إلى ربكم ، لئلا ننسب إلى التقصير ، ورجاء أن يتقوا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

قوله تعالى : { وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم } ، اختلفوا في الذين قالوا هذا ، قيل : كانوا من الفرقة الهالكة ، وذلك أنهم لم قيل لهم : انتهوا عن هذا العمل السيئ قبل أن ينزل بكم العذاب ، فإنا نعلم أن الله منزل بكم بأسه إن لم تنتهوا ، أجابوا وقالوا : { لم تعظون قوماً الله مهلكهم }

قوله تعالى : { أو } علمتم أنه .

قوله تعالى : { معذبهم عذاباً شديداً قالوا } أي : قال الناهون .

قوله تعالى : { معذرةً } أي : موعظتنا معذرة .

قوله تعالى : { إلى ربكم } ، قرأ حفص : ( معذرة ) بالنصب ، أي نفعل ذلك معذرة إلى ربكم ، والأصح أنها من قول الفرقة الساكنة للناهية ، قالوا : { لم تعظون قوماً الله مهلكهم } ، قالوا : { معذرة إلى ربكم } ، ومعناه : أن الأمر بالمعروف واجب علينا ، فعلينا موعظة هؤلاء عذراً إلى الله .

قوله تعالى : { ولعلهم يتقون } ، أي : يتقون الله ، ويتركون المعصية ، ولو كان الخطاب مع المعتدين لكان يقول : { ولعلكم تتقون } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

138

بينما مضى فريق ثالث يقول للآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر : ما فائدة ما تزاولونه مع هؤلاء العصاة ، وهم لا يرجعون عما هم آخذون فيه ؟ وقد كتب الله عليهم الهلاك والعذاب ؟

( وإذ قالت أمة منهم : لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً ؟ ) .

فلم تعد هناك جدوى من الوعظ لهم ، ولم تعد هناك جدوى لتحذيرهم . بعدما كتب الله عليهم الهلاك أو العذاب الشديد ؛ بما اقترفوه من انتهاك لحرمات الله .

( قالوا : معذرة إلى ربكم ، ولعلهم يتقون ) . .

فهو واجب لله نؤديه : واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتخويف من انتهاك الحرمات ، لنبلغإلى الله عذرنا ، ويعلم أن قد أدينا واجبنا . ثم لعل النصح يؤثر في تلك القلوب العاصية فيثير فيها وجدان التقوى .

وهكذا انقسم سكان الحاضرة إلى ثلاث فرق . . أو ثلاث أمم . . فالأمة في التعريف الإسلامي هي مجموعة الناس التي تدين بعقيدة واحدة وتصور واحد وتدين لقيادة واحدة ، وليست كما هي في المفهوم الجاهلي القديم أو الحديث ، مجموعة الناس التي تسكن في إقليم واحد من الأرض وتحكمها دولة واحدة ! فهذا مفهوم لا يعرفه الإسلام ، إنما هي من مصطلحات الجاهلية القديمة أو الحديثة !

وقد انقسم سكان القرية الواحدة إلى ثلاث أمم : أمة عاصية محتالة . وأمة تقف في وجه المعصية والاحتيال وقفة إيجابية بالإنكار والتوجيه والنصيحة . وأمة تدع المنكر وأهله ، وتقف موقف الإنكار السلبي ولا تدفعه بعمل إيجابي . . وهي طرائق متعددة من التصور والحركة ، تجعل الفرق الثلاث أمماً ثلاثاً !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

يخبر تعالى عن أهل هذه القرية أنهم صاروا إلى ثلاث فرق : فرقة{[12281]} ارتكبت المحذور ، واحتالوا على اصطياد السمك يوم السبت ، كما تقدم بيانه في سورة البقرة . وفرقة نهت عن ذلك ، [ وأنكرت ]{[12282]} واعتزلتهم . وفرقة سكتت فلم تفعل ولم تنه ، ولكنها قالت للمنكرة : { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا } ؟ أي : لم تنهون هؤلاء ، وقد علمتم أنهم هلكوا واستحقوا العقوبة من الله ؟ فلا فائدة في نهيكم إياهم . قالت لهم المنكرة : { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } قرأ بعضهم بالرفع ، كأنه على تقديره : هذا معذرة وقرأ آخرون بالنصب ، أي : نفعل ذلك { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } أي : فيما أخذ علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر { وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } يقولون : ولعل بهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه ، ويرجعون إلى الله تائبين ، فإذا تابوا تاب الله عليهم ورحمهم .

/خ165


[12281]:في ك، م، أ: "ففرقة".
[12282]:زيادة من ك، م، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

{ وإذ قالت } عطف على { إذ يعدون } . { أمة منهم } جماعة من أهل القرية يعني صلحاءهم الذين اجتهدوا في موعظتهم حتى أيسوا من اتعاظهم . { لم تعظون قوما الله مهلكهم } مخترمهم . { أو معذبهم عذابا شديدا } في الآخرة لتماديهم في العصيان ، قالوه مبالغة في أن الوعظ لا ينفع فيهم ، أو سؤالا عن علة الوعظ ونفعه وكأنه تقاول بينهم أو قول من ارعوى عن الوعظ لمن لم يرعو منهم ، وقيل المراد طائفة من الفرقة الهالكة أجابوا به وعاظهم ردا عليهم وتهكما بهم . { قالوا معذرة إلى ربكم } جواب للسؤال أي موعظتنا إنهاء عذر إلى الله حتى لا ننسب إلى تفريط في النهي عن المنكر . وقرأ حفص { معذرة } بالنصب على المصدر أو العلة أي اعتذرنا به معذرة ووعظناهم معذرة . { ولعلهم يتقون } إذ اليأس لا يحصل إلا بالهلاك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

قال جمهور المفسرين : إن بني إسرائيل افترقت ثلاث فرق ، فرقة عصت وصادت ، وفرقة نهت وجاهرت وتكلمت واعتزلت ، وفرقة اعتزلت ولم تعص ولم تنه ، وإن هذه الفرقة لما رأت مجاهرة الناهية وطغيان العاصية وعتوها قالت للناهية { لم تعظون قوماً } يريدون العاصية { الله مهلكهم أو معذبهم } على غلبة الظن وما عهد من فعل الله حينئذ بالأمم العاصية ، فقالت الناهية موعظتنا معذرة إلى الله ، ثم اختلف بعد هذا فقالت فرقة إن الطائفة التي لم تعص ولم تنه هلكت مع العاصية عقوبة على ترك النهي ، قاله ابن عباس ، وقال أيضاً : ما أدري ما فعل بهم ، وقالت فرقة بل نجت مع الناهية لأنها لم تعص ولا رضيت قاله عكرمة والحسن وغيرهما ، وقال ابن الكلبي فيما أسند عنه الطبري إن بني إسرائيل لم تفترق إلا فرقتين ، فرقة عصت وجاهرت وفرقة نهت وغيرت واعتزلت ، وقالت للعاصية إن الله يهلكهم ويعذبهم ، فقالت أمة من العاصين للناهين على جهة الاستهزاء لم تعظون قوماً قد علمتم أن الله مهلكهم أو معذبهم .

قال القاضي أبو محمد : والقول الأول أصوب ، وتؤيده الضمائر في قوله : { إلى ربكم ولعلهم } فهذه المخاطبة تقتضي مخاطِباً ومخاطباً ومكنياً عنه ، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي «معذرةٌ » بالرفع ، أي موعظتنا ، معذرة أي إقامة عذر ، وقرأ عاصم في بعض ما روي عنه وعيسى بن عمر وطلحة بن مصرف «معذرةً » بالنصب أي وعظنا معذرة ، قال أبو علي حجتها أن سيبويه قال : لو قال رجل لرجل معذرة إلى الله وإليك من كذا لنصب .

قال القاضي أبو محمد : الرجل القائل في هذا المثال معتذر عن نفسه وليس كذلك الناهون من بني إسرائيل فتأمل ، ومعنى { مهلكهم } في الدنيا { أو معذبهم } في الآخرة ، وقوله : { لعلهم يتقون } يقتضي الترجي المحض ، لأنه من قول آدميين .