السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

وقوله تعالى :

{ وإذ } معطوف على إذ قبله { قالت أمة } أي : جماعة { منهم } أي : من أهل القرية لم تصد ولم تنه لمن نهى { لم تعظون قوماً الله مهلكهم } في الدنيا بعذاب من عنده لأنهم لا ينتهون عن الفساد ولا يتعظون بالمواعظ { أو معذبهم عذاباً شديداً } في الآخرة لتماديهم في العصيان { قالوا } أي : الواعظون موعظتنا { معذرة } نعتذر بها { إلى ربكم } أي : لئلا ننسب إلى تقصير في ترك النهي فإنّ النهي عن المنكر يجب وإن علم الناهي أن مرتكبه لا يقلع عن معصيته وقيل : إذا علم الناهي حال المنهي وأنّ النهي لا يؤثر فيه سقط النهي ، وربما وجب الترك لدخوله في باب العبث ، ألا ترى أنك لو ذهبت إلى المكاسين القاعدين على المآصر أو الجلادين المرتبين للتعذيب لتعظهم وتكفهم عما هم فيه كان ذلك عبثاً منك ولم يكن إلا سبباً للتلهي بك { ولعلهم يتقون } أي : وجائز عندنا أن ينتفعوا بالموعظة فيتقوا الله ويتركوا ما هم فيه من الصيد ؛ إذ اليأس لا يحصل إلا بالهلاك .