الآيات 164 وقوله تعالى : { وإذ قالت أمّة منهم لما تعظون قوما الله مهلكهم أو معذّبهم عذابا شديدا } ذكر في الأول أنهم كانوا [ ثلاثة فرق : فريقا ]{[9051]} : عدوا ، وتركوا الله أمر الله ، وتركوا ما نهوا عنه ، وفريقا{[9052]} : نهوا أولئك الذين اعتدوا ، وانتهكوا حرم الله ، وفريقا{[9053]} : قيل : لم يعتدوا ، ولم يرتكبوا نهيه ، ولا نهوا أولئك الذين اعتدوا ، وهم الذين قالوا : { لم تعظون قوما } الآية .
وكذلك روي عن ابن عباس رضي الله عنه : [ أنه ]{[9054]} قال : هم كانوا ثلاث فرق ؛ فرقة وعظت ، وفرقة موعوظة ، وفرقة ثالثة ، وهم الذين قالوا : { لم تعظون قوما الله مهلكهم } وهو ما ذكرنا أنهم ذكرهم في الابتداء : ثلاث فرق . وذكر في آخر{[9055]} الحال فرقتين : فرقة هي التي هلكت بالاعتداء : وفرقة هي التي نهت ، ونجت .
ثم اختلف أهل التأويل في الفرقة الثالثة ؛ قال بعضهم : كانوا في الفرقة التي هلكت لوجهين .
أحدهما : لمّا لم ينهوا أولئك الذين اعتدوا ، وكان فرض عليهم النهي عن المنكر والأمر بالمعروف . فإذا لم ينهوا أولئك هلكوا ، وأشركوا في العذاب كقوله تعالى : { لولا ينهاهم الرّبّانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السّحت } الآية : [ المائدة : 63 ] .
والثاني : كانوا معهم لمّا نهوا [ من ]{[9056]} الناهين ، وقالوا{[9057]} : { وإذ قالت أمّة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذّبهم } .
وقال قائلون : كانوا من النّاجين . قال الحسن : لأنهم كانوا نهوا أولئك عن الاعتداد والظلم الذي كان{[9058]} منهم ، وكان قولهم : { لم تعظون قوما } بعد ما نهوهم ، ووعظوهم{[9059]} ، فلم يتّعظوا ، فإنما قالوا لأولئك : { لم تعظون قوما } بعد ما نهوا ، ووعظوا ؟ فقالوا : كيف تعظون قوما لا يتّعظون ، ولا ينتهون ؟ فإنما قالوا ذلك بعد ما نهوا .
وقال قائلون : هذا القول منهم نهي لأنهم أتوا بوعيد شديد بقولهم : { لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذّبهم عذابا شديدا } فنفس هذا القول منهم نهي وزجر عما ارتكبوا حين{[9060]} أتوا بالنهاية من الوعيد ، وهو الهلاك والعذاب الشديد .
ولكن لسنا نعلم أنهم كانوا في الهلكى أو في الناجين ، وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة . ولو كان لنا حاجة إلى ذلك لبيّن لنا عز وجل ، ولم يترك{[9061]} ذلك ، لا رأينا سوى أنه بيّن من ينجّي منهم بالانتهاء{[9062]} عن الظلم والعدوان ، وبيّن من أهلك ، وعذّب بالظلم والعدوان بقوله تعالى : { أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون } [ الأعراف : 165 ] .
وقوله تعالى : { قالوا معذرة إلى ربكم } قرئ بالرفع والنصب{[9063]} أيضا معذرة . فمن قرأ بالرفع أضمر فيه : هذه ؛ كأنهم قالوا : هذه معذرة إلى ربكم كقوله تعالى : { سورة أنزلناها } [ النور : 1 ] قيل : هذه سورة أنزلناها . ومن قرأ بالنصب قال : معذرة أي اعتذارا منهم إلى ربهم { ولعلهم يتقون } عما نهوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.