الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

قوله تعالى : { مَعْذِرَةً } : قرأ العامة " معذرة " رفعاً على خبر ابتداء مضمر ، أي موعظتنا معذرة . وقرأ حفص عن عاصم وزيد ابن علي وعيسى بن عمر وطلحة بن مصرف : " معذرةً " نصباً . وفيها ثلاثةُ أوجه ، أظهرُها : أنها منصوبةٌ على المفعول من أجله ، أي : وعَظْناه لأجلِ المعذرة . قال سيبويه : " ولو قال رجلٌ لرجل : معذرةً إلى الله وإليك من كذا انتصب " . الثاني : أنها منصوبةٌ على المصدر بفعل مقدرٍ مِنْ لفظِها تقديرُه : نعتذر معذرةً . الثالث : أن ينتصبَ انتصابَ المفعولِ به لأنَّ المعذرةَ تتضمَّن كلاماً ، والمفردُ المتضمنُ لكلامٍ إذا وقع بعد القول نُصِبَ نَصْبَ المفعول به كقلت خطبة . وسيبويه يختار الرفع قال : " لأنهم لم يريدوا أن يعتذروا اعتذاراً مستأنفاً ، ولكنهم قيل لهم : لِمَ تَعِظُون ؟ فقالوا : موعظتنا معذرة " . والمَعْذِرة : اسمُ مصدر وهو العُذْر . قال الأزهري : " إنها بمعنى الاعتذار " والعُذْر : التنصُّل من الذنب .