تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (164)

{ وإذ قالت أمة منهم } الآية .

تفسير الكلبي : القرية : هي ( أيلة ) وذكر لنا أنهم كانوا في زمان داود ؛ وهو مكان من البحر تجتمع فيه الحيتان في شهر من السنة ؛ كهيئة العيد ، تأتيهم منه حتى لا يروا الماء ، وتأتيهم في غير ذلك الشهر كل يوم سبت ؛ كما تأتيهم في ذلك الشهر ، فإذا جاء السبت لم يمسوا منها شيئا ، فعمد رجال من سفهاء تلك المدينة ؛ فأخذوا الحيتان ليلة السبت ويوم السبت ، فأكثروا منها وملحوا وباعوا ، ولم تنزل بهم عقوبة فاستبشروا ، وقالوا : إنا نرى السبت قد حل ، وذهبت حرمته ، إنما كان يعاقب به آباؤنا ، فعملوا بذلك سنين ؛ حتى أثروا منه وتزوجوا النساء ، واتخذوا الأموال ، فمشى إليهم طوائف من صالحيهم ؛ فقالوا يا قوم انتهكتم حرمة سبتكم ، وعصيتم ربكم ، وخالفتم سنة نبيكم ، فانتهوا عن هذا العمل قبل أن ينزل بكم العذاب ! قالوا : فلم تعظوننا إذ كنتم علمتم أن الله مهلكنا ؟ ! وإن أطعتمونا لتفعلن كالذي فعلنا ، فقد فعلنا منذ سنين فما زادنا الله به إلا خيرا . قالوا : ويلكم لا تغتروا ولا تأمنوا بأس الله كأنه قد نزل بكم ، قالوا { لم تعظون قوما الله مهلكهم . . . } الآية .

وفي غير تفسير الكلبي : صاروا ثلاث فرق : فرقة اجتزأت على المعصية ، وفرقة نهت ، وفرقة كفت ؛ فلم تصنع ما صنعوا ولم تنههم وقالوا للذين نهوا : { لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم } .

قال محمد : يجوز الرفع في { معذرة }{[372]} على معنى : موعظتنا إياهم معذرة .


[372]:وهي قراءة ابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وقرأ بالنصب حفص عن عاصم. انظر النشر (2/272) السبعة (296).