قوله عز وجل{ واللائي يئسن من المحيض من نسائكم } فلا ترجون أن يحضن ، { إن ارتبتم } أي : شككتم فلم تدروا ما عدتهن ، { فعدتهن ثلاثة أشهر } قال مقاتل : لما نزلت : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء }( البقرة- 228 ) ، قال خلاد بن النعمان بن قيس الأنصاري : يا رسول الله فما عدة من لا تحيض ، والتي لم تحض ، وعدة الحبلى ؟ فأنزل الله : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم } يعني القواعد اللائي قعدن عن الحيض إن ارتبتم شككتم في حكمهن فعدتهن ثلاثة أشهر " . { واللائي لم يحضن } يعني الصغار اللائي لم يحضن فعدتهن أيضاً ثلاثة أشهر . أما الشابة التي كانت تحيض فارتفع حيضها قبل بلوغها سن الآيسات : فذهب أكثر أهل العلم إلى أن عدتها لا تنقضي حتى يعاودها الدم ، فتعتد بثلاثة أقراء ، أو تبلغ سن الآيسات فتعتد بثلاثة أشهر . وهو قول عثمان ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن مسعود ، وبه قال عطاء ، وإليه ذهب الشافعي وأصحاب الرأي . وحكي عن عمر : أنها تتربص تسعة أشهر ، فإن لم تحض تعتد بثلاثة أشهر وهو قول مالك . وقال الحسن : تتربص سنة فإن لم تحض تعتد بثلاثة أشهر . وهذا كله في عدة الطلاق . وأما المتوفى عنها زوجها فعدتها أربعة أشهر وعشر ، ً سواء كانت ممن تحيض أو لا تحيض . أما الحامل فعدتها بوضع الحمل سواء طلقها زوجها أو مات عنها ، لقوله تعالى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } أخبرنا عبد الوهاب ابن محمد الخطيب ، أنبأنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنبأنا أبو العباس الأصم ، أنبأنا الربيع ، أنبأنا الشافعي ، أنبأنا سفيان ، أنبأنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه : " أن سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بليال فمر بها أبو السنابل بن بعكك فقال : قد تصنعت للأزواج ، إنها أربعة أشهر وعشر ، فذكرت ذلك سبيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كذب أبو السنابل -أو : ليس كما قال أبو السنابل- قد حللت فتزوجي " . { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً } أي : يسهل عليه أمر الدنيا والآخرة .
( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم - إن ارتبتم - فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن . وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن . ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا . ذلك أمر الله أنزله إليكم ، ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ) .
وهذا تحديد لمدة العدة لغير ذوات الحيض والحمل . يشمل اللواتي انقطع حيضهن ، واللاتي لم يحضن بعد لصغر أو لعلة . ذلك أن المدة التي بينت من قبل في سورة البقرة كانت تنطبق على ذوات الحيض - وهي ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار من الحيضات . حسب الخلاف الفقهي في المسألة - فأما التي انقطع حيضها والتي لم تحض أصلا فكان حكمها موضع لبس : كيف تحسب عدتها ? فجاءت هذه الآية تبين وتنفي اللبس والشك ، وتحدد ثلاثة أشهر لهؤلاء وهؤلاء ، لاشتراكهن في عدم الحيض الذي تحسب به عدة أولئك . أما الحوامل فجعل عدتهن هي الوضع . طال الزمن بعد الطلاق أم قصر . ولو كان أربعين ليلة فترة الطهر من النفاس . لأن براءة الرحم بعد الوضع مؤكدة ، فلا حاجة إلى الانتظار . والمطلقة تبين من مطلقها بمجرد الوضع ، فلا حكمة في انتظارها بعد ذلك ، وهي غير قابلة للرجعة إليه إلا بعقد جديد على كل حال . وقد جعل الله لكل شيء قدرا . فليس هناك حكم إلا ووراءه حكمة .
هذا هو الحكم ثم تجيء اللمسات والتعقيبات :
( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ) . .
واليسر في الأمر غاية ما يرجوه إنسان . وإنها لنعمة كبرى أن يجعل الله الأمور ميسرة لعبد من عباده . فلا عنت ولا مشقة ولا عسر ولا ضيقة . يأخذ الأمور بيسر في شعوره وتقديره . وينالها بيسر في حركته وعمله . ويرضاها بيسر في حصيلتها ونتيجتها . ويعيش من هذا في يسر رخي ندي ، حتى يلقى الله . . ألا إنه لإغراء باليسر في قضية الطلاق مقابل اليسر في سائر الحياة !
يقول تعالى مبينًا لعدة الآيسة - وهي التي قد انقطع عنها الحيض لكبرها - : أنها ثلاثة أشهر ، عوضًا عن الثلاثة قروء في حق من تحيض ، كما دلت على ذلك آية " البقرة " {[28977]} وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض أن عدتهن كعدة الآيسة ثلاثة أشهر ؛ ولهذا قال : { وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ }
وقوله : { إِنِ ارْتَبْتُمْ } فيه قولان :
أحدهما - وهو قول طائفة من السلف ، كمجاهد ، والزهري ، وابن زيد : أي إن رأين دما وشككتم في كونه حيضًا أو استحاضة ، وارتبتم فيه .
والقول الثاني : إن ارتبتم في حكم عدتهن ، ولم تعرفوه فهو ثلاث أشهر . وهذا مروي ، عن سعيد بن جبير . وهو اختيار ابن جرير ، وهو أظهر في المعنى ، وَاحتَجَّ عليه بما رواه عن أبي كُرَيْب وأبي السائب قالا حدثنا ابن إدريس ، أخبرنا مطرف ، عن عمرو بن سالم قال : قال أبي بن كعب : يا رسول الله ، إن عِددًا من عِدد النساء لم تذكر في الكتاب : الصغار والكبار وأولات الأحمال{[28978]} قال : فأنزل الله عز وجل : { وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }
ورواه ابن أبي حاتم بأبسط من هذا السياق فقال : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن المغيرة ، أخبرنا جرير ، عن مُطرِّف ، عن عمر{[28979]} بن سالم ، عن أبي بن كعب قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ناسا من أهل المدينة لما أنزلت هذه الآية التي في " البقرة " في عدة النساء قالوا : لقد بقي من عدة النساء عِدَدٌ لم يُذكَرْن في القرآن : الصغار والكبار اللائي قد انقطع عنهن الحيض ، وذوات الحمل . قال : فأنزلت التي في النساء القصرى : { وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ }
وقوله : { وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } يقول تعالى : ومن كانت حاملا فعدتها بوضعه ، ولو كان بعد الطلاق أو الموت بفُوَاق ناقة{[28980]} في قول جمهور العلماء من السلف والخلف ، كما هو نص هذه الآية الكريمة ، وكما وردت به السنة النبوية . وقد رُوي عن علي ، وابن عباس ، رضي الله عنهم{[28981]} أنهما ذهبا في المتوفى عنها زوجها أنها تعتد بأبعد الأجلين من الوضع أو الأشهر ، عملا بهذه الآية الكريمة ، والتي في سورة " البقرة " . وقد قال البخاري :
حدثنا سعد{[28982]} بن حفص ، حدثنا شيبان ، عن يحيى قال : أخبرني أبو سلمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس - وأبو هريرة جالس - فقال : أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة . فقال : ابن عباس آخر الأجلين . قلت أنا : { وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } قال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها ، فقالت : قُتِل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى ، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فخطبت ، فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو السنابل فيمن خطبها{[28983]}
هكذا أورد البخاري هذا الحديث هاهنا مختصرًا . وقد رواه هو ومسلم وأصحاب الكتب مطولا من وجوه أخر{[28984]} وقال الإمام أحمد :
حدثنا حماد بن أسامة ، أخبرنا هشام ، عن أبيه ، عن المسور بن مَخْرَمَة ؛ أن سُبَيعَة الأسلمية تُوفي عنها زوجُها وهي حامل ، فلم تمكث إلا ليالي حتى وضعت ، فلما تَعَلَّت من نفاسها خُطِبت ، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح ، فأذن لها أن تُنكَح فنُكحت .
ورواه البخاري في صحيحه ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة من طرق عنها{[28985]} كما قال مسلم ابن الحجاج :
حدثني أبو الطاهر ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة : أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سُبَيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفتته . فكتب عُمر بن عبد الله يخبره أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحت سَعد{[28986]} بن خَولة - وكان ممن شهد بدرًا - فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تَنشَب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تَعَلَّت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بَعكك فقال لها : مالي أراك متجملة ؟ لعلك تَرجين النكاح ، إنك والله ما أنت بناكح حتى تَمرَ عليك أربعة أشهر وعشرٌ . قالت سُبيَعة : فلما قال لي ذلك جَمعتُ عليّ ثيابي حين أمسيتُ فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حَلَلت حين وضعتُ حملي ، وأمرني بالتزويج{[28987]} إن بدا لي .
هذا لفظ مسلم . ورواه البخاري مختصرًا{[28988]} ثم قال البخاري بعد [ ذلك ، أي : بعد ]{[28989]} رواية الحديث الأول عند هذه الآية :
وقال {[28990]} سليمان بن حرب وأبو النعمان : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد - هو ابن سيرين - قال : كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى ، رحمه الله ، وكان أصحابه يعظمونه ، فذكر آخر الأجلين ، فحدّثتُ بحديث سُبَيعة بنت الحارث عن عبد الله بن عتبة ، قال : فَضَمَّزَ لي{[28991]} بعض أصحابه ، وقال محمد : ففطنت له فقلت : له إني لجريءٌ أن أكذبَ على عبد الله وهو في ناحية الكوفة . قال : فاستحيا وقال : لكن عَمّه لم يقل ذلك . فلقيت أبا عطية مالك بن عامر فسألته ، فذهب يحدثني بحديث سُبَيعة ، فقلت : هل سمعت عن عبد الله شيئا ؟ فقال : كنا عند عبد الله فقال : أتجعلون عليها التغليظ ، ولا تجعلون عليها الرخصة ؟ نزلت{[28992]} سورة النساء القصرى بعد الطولى : { وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }
ورواه ابن جرير ، من طريق سفيان بن عيينة وإسماعيل بن عُلَيَّة ، عن أيوب به مختصرا{[28993]} ورواه النسائي في التفسير عن محمد بن عبد الأعلى ، عن خالد بن الحارث ، عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، فذكره{[28994]}
وقال ابن جرير : حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثني ابن شَبْرَمة الكوفي ، عن إبراهيم ، عن علقمة بن قيس ؛ أن عبد الله بن مسعود قال : من شاء لاعنته ، ما نزلت : { وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها . قال : وإذا وضعت المتوفى عنها زوجها فقد حلت . يريد بآية المتوفى عنها زوجها { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } [ البقرة : 234 ]
وقد رواه النسائي من حديث سعيد بن أبي مريم ، به{[28995]} ثم قال ابن جرير :
حدثنا أحمد بن مَنِيع ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي قال : ذُكِرَ عند ابن مسعود آخر الأجلين ، فقال : من شاء قاسمته بالله إن هذه الآية التي في النساء القصرى نزلت بعد الأربعة الأشهر والعشر ثم قال أجل الحامل أن تضع ما في بطنها{[28996]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضُّحى ، عن مسروق قال : بلغ ابن مسعود أن عليا ، رضي الله عنه ، يقول : آخر الأجلين . فقال : من شاء لاعنته ، إن التي في النساء القُصرَى نزلت بعد البقرة : { وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }
ورواه أبو داود وابن ماجة ، من حديث أبي معاوية ، عن الأعمش{[28997]}
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد : حدثني محمد بن أبي بكر المقدّمي ، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا المثنى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، عن أبي بن كعب قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : { وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها{[28998]} ؟ فقال : " هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها " {[28999]}
هذا حديث غريب جدا ، بل منكر ؛ لأن في إسناده المثنى بن الصباح ، وهو متروك الحديث بمِرّة ولكن رواه ابن أبي حاتم بسند آخر ، فقال :
حدثنا محمد بن داود السِّمْناني ، حدثنا عمرو بن خالد - يعني : الحراني - حدثنا ابن لَهِيعة ، عن عمرو بن شعيب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب ، أنه لما نزلت هذه الآية قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أدري أمشتركة أم مبهمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أية آية ؟ " . قال : { أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } المتوفى عنها والمطلقة ؟ قال : " نعم " .
وكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كُرَيْب ، عن موسى بن داود ، عن ابن لهيعة ، به . ثم رواه عن أبي كريب أيضا ، عن مالك بن إسماعيل ، عن ابن عيينة ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق أنه حدث عن أبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن : { وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } قال : " أجل ، كل حامل أن تضع ما في بطنها " {[29000]}
عبد الكريم هذا ضعيف ، ولم يدرك أُبَيّا .
وقوله : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } أي : يسهل له أمره ، وييسره عليه ، ويجعل له فرجا قريبًا ومخرجًا عاجلا .
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم لكبرهن إن ارتبتم شككتم في عدتهن أي جهلتهم فعدتهن ثلاثة أشهر روي أنه لما نزل والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قيل فما عدة اللاتي لم يحضن فنزلت واللاتي لم يحضن أي واللاتي لم يحضن بعد كذلك وأولات الأحمال أجلهن منتهى عدتهن أن يضعن حملهن وهو حكم يعم المطلقات والمتوفى عنهم أزواجهن والمحافظة على عمومه أولى من محافظة عموم قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا لأن عموم أولات الأحمال بالذات وعموم أزواجا بالعرض والحكم معلل ها هنا بخلافة ثمة ولأنه صح أن سبيعة بنت الحرث وضعت بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد حللت فتزوجي ولأنه متأخر النزول فتقديمه في العمل تخصيص وتقديم الآخر بناء للعام على الخاص والأول راجح للوفاق عليه ومن يتق الله في أحكامه فيراعي حقوقها يجعل له من أمره يسرا يسهل عليه أمره ويوفقه للخير .