الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱلَّـٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّـٰٓـِٔي لَمۡ يَحِضۡنَۚ وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ يُسۡرٗا} (4)

روي أن ناساً قالوا : قد عرفنا عدة ذوات الأقراء ، فما عدة اللائي لا يحضن ؛ فنزلت : فمعنى { إِنِ ارتبتم } : إن أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتددن فهذا حكمهنّ ، وقيل : إن ارتبتم في ذم البالغات مبلغ اليأس وقد قدروه بستين سنة وبخمس وخمسين ، أهو دم حيض أو استحاضة ؟ { فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثة أَشْهُرٍ } وإذا كانت هذه عدة المرتاب بها ، فغير المرتاب بها أولى بذلك { والائى لَمْ يَحِضْنَ } هن الصغائر . والمعنى : فعدتهن ثلاثة أشهر ، فحذف لدلالة المذكور عليه . اللفظ مطلق في أولات الأحمال ، فاشتمل على المطلقات والمتوفى عنهن . وكان ابن مسعود وأبيّ وأبو هريرة وغيرهم لا يفرقون . وعن علي وابن عباس : عدة الحامل المتوفى عنها أبعد الأجلين . وعن عبد الله : من شاء لاعنته أنّ سورة النساء القصرى نزلت بعد التي في البقرة ، يعني : أنّ هذا اللفظ مطلق في الحوامل . وروت أم سلمة : أنّ سبيعة الأسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بليال ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : « قد حللت فانكحي » { يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } ييسر له من أمره ويحلل له من عقده بسبب التقوى .