بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلَّـٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّـٰٓـِٔي لَمۡ يَحِضۡنَۚ وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ يُسۡرٗا} (4)

قوله تعالى : { واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نّسَائِكُمْ } . قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما نزل قوله : { والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثلاثة قروء وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله واليوم الأخر وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلك إِنْ أرادوا إصلاحا وَلَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ بالمعروف وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ والله عَزِيزٌ حَكُيمٌ } [ البقرة : 228 ] قال معاذ بن جبل : يا رسول الله ، لو كانت المرأة آيسة لا تحيض ، كيف تعتد ؟ فنزل : { واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نّسَائِكُمْ } والآية . أن تبلغ ستين سنة ، ويقال خمسين . { إِنِ ارتبتم } ، إن شككتم في عدتهن ، { فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثة أَشْهُرٍ } ، فقام رجل آخر ، فقال : لو كانت صغيرة ، كيف عدتها ؟ وقام آخر وقال : لو كانت حاملاً ، كيف عدتها ؟ فنزل : { واللائي لَمْ يَحِضْنَ } يعني : المرأة التي لم تحض ، فعدتها ثلاثة أشهر مثل عدة الآيسة . { وأولات الأحمال أَجَلُهُنَّ } يعني : عدتهن { أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وقال عمر : لو وضعت ما في بطنها وزوجها على سريره ، قبل أن يدفن في حفرته ، لانقضت عدتها وحلت للأزواج . وروى الزهري ، عن عبد الله ، عن أبيه : أن سبيعة بنت الحارث قد وضعت بعد وفاة زوجها بعشرين يوماً ، فمر بها السنابل بن بعكك ، فقال لها : أتريدين أن نتزوج ؟ فقالت : نعم . قال : لا حتى يأتي عليك أربعة أشهر وعشر . فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لها " قد حللت للزواج " يعني : انقضت عدتك .

ثم قال : { وَمَن يَتَّقِ الله } يعني : يصبر على طاعة الله تعالى ، { يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } يعني : ييسر عليه أمره ، ويوفقه ليعمل على طاعة الله تعالى ، ويعصمه عن معاصيه .