المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

3- وبلاغ من الله ورسوله إلى الناس عامة ، في مجتمعهم يوم الحج الأكبر ، أن الله ورسوله بريئان من عهود المشركين الخائنين - في أيها المشركون الناقضون للعهد - إذا رجعتم عن شرككم بالله ، فإن ذلك خير لكم في الدنيا والآخرة ، أما إن أعرضتم وبقيتم على ما أنتم عليه ، فاعلموا أنكم خاضعون لسلطان الله . وأنت - أيها الرسول - أنذر جميع الكافرين بعذاب شديد الإيلام .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

قوله تعالى : { وأذان } عطف على قوله براءة أي إعلام ، ومنه الأذان بالصلاة ، يقال : آذنته فأذن ، أي : أعلمته فعلم ، وأصله من الأذان ، أي : أوقعته في أذنه .

قوله تعالى : { من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر } . اختلفوا في يوم الحج الأكبر ، روى عكرمة عن ابن عباس أنه يوم عرفة ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وابن الزبير ، وهو قول عطاء و طاوس و مجاهد و سعيد بن المسيب ، وقال جماعة : هو يوم النحر ، روي عن يحيى بن الجزار قال : خرج علي رضي الله عنه يوم النحر على بغلة بيضاء يريد الجبانة ، فجاءه رجل ، وأخذ بلجام دابته ، وسأله عن يوم الحج الأكبر فقال : يومك هذا خل سبيلها . ويروى ذلك عن عبد الله بن أبي أوفى ، والمغيرة بن شعبة ، وهو قول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والسدي . وروى ابن جريج عن مجاهد : يوم الحج الأكبر حين الحج أيام منى كلها ، وكان سفيان الثوري يقول : يوم الحج الأكبر أيام منى كلها ، مثل : يوم صفين ويوم الجمل ويوم بعاث ، يراد به : الحين والزمان ، لأن هذه الحروب دامت أياما كثيرة ، وقال عبد الله بن الحارث بن نوفل : يوم الحج الأكبر اليوم الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قول ابن سيرين ، لأنه اجتمع فيه حج المسلمين وعيد اليهود والنصارى ، والمشركين ، ولم يجتمع قبله ولا بعده . واختلفوا في الحج الأكبر ، فقال مجاهد : الحج الأكبر القران ، والحج الأصغر إفراد الحج ، وقال الزهري والشعبي وعطاء : الحج الأكبر : الحج ، والحج الأصغر : العمرة ، قيل لها الأصغر لنقصان أعمالها .

قوله تعالى : { أن الله بريء من المشركين ورسوله } . أي ورسوله أيضا برئ من المشركين ، وقرأ يعقوب : بنصب اللام أي ، أن الله ورسوله بريء .

قوله تعالى : { فإن تبتم } : رجعتم من كفركم وأخلصتم التوحيد .

قوله تعالى : { فهو خير لكم وإن توليتم } . أعرضتم عن الإيمان .

قوله تعالى : { فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم* إلا الذين عاهدتم من المشركين } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

1

بعد ذلك يبين الموعد الذي تعلن فيه هذه البراءة وتبلغ إلى المشركين لينذروا بها وبالموعد المضروب فيها :

{ وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر : أن الله بريء من المشركين ورسوله . فإن تبتم فهو خير لكم ، وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله ، وبشر الذين كفروا بعذاب أليم } . .

ويوم الحج الأكبر اختلفت الروايات في تحديده : أهو يوم عرفة أم يوم النحر . والأصح أنه يوم النحر : والأذان البلاغ ؛ وقد وقع للناس في الموسم ؛ وأعلنت براءة الله ورسوله من المشركين كافة - من ناحية المبدأ - وجاء الاستثناء في الإبقاء على العهد إلى مدته في الآية التالية . . والحكمة واضحة في تقرير المبدأ العام ابتداء في صورة الشمول ؛ لأنه هو الذي يمثل طبيعة العلاقات النهائية . أما الاستثناء فهو خاص بحالات تنتهي بانتهاء الأجل المضروب . وهذا الفهم هو الذي توحي به النظرة الواسعة لطبيعة العلاقات الحتمية بين المعسكر الذي يجعل الناس عبيداً لله وحده ، والمعسكرات التي تجعل الناس عبيداً للشركاء ، كما أسلفنا في التقديم للسورة والتقديم لهذا المقطع منها كذلك .

ومع إعلان البراءة المطلقة يجيء الترغيب في الهداية والترهيب من الضلالة :

{ فإن تبتم فهو خير لكم ، وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله ، وبشر الذين كفروا بعذاب أليم } . .

وهذا الترهيب وذلك الترغيب في آية البراءة ؛ يشيران إلى طبيعة المنهج الإسلامي . إنه منهج هداية قبل كل شيء . فهو يتيح للمشركين هذه المهلة لا لمجرد أنه لا يحب أن يباغتهم ويفتك بهم متى قدر - كما كان الشأن في العلاقات الدولية ولا يزال ! - ولكنه كذلك يمهلهم هذه المهلة للتروي والتدبر ، واختيار الطريق الأقوم ؛ ويرغبهم في التوبة عن الشرك والرجوع إلى الله ، ويرهبهم من التولي ، وييئسهم من جدواه ، وينذرهم بالعذاب الأليم في الآخرة فوق الخزي في الدنيا . ويوقع في قلوبهم الزلزلة التي ترجها رجاً لعل الركام الذي ران على الفطرة أن ينفض عنها ، فتسمع وتستجيب !

ثم . . هو طمأنة للصف المسلم ، ولكل ما في قلوب بعضه من مخاوف ومن تردد وتهيب ؛ ومن تحرج وتوقع .

فالأمر قد صار فيه من الله قضاء . والمصير قد تقرر من قبل الابتداء !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

يقول تعالى : وإعلام { مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } وتَقَدُّم وإنذار إلى الناس ، { يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ } وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعا{[13241]} { أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } أي : بريء منهم أيضا .

ثم دعاهم إلى التوبة إليه فقال : { فَإِنْ تُبْتُمْ } أي : مما أنتم فيه من الشرك والضلال { فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ } أي : استمررتم على ما أنتم عليه { فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ } بل هو قادر ، وأنتم في قبضته ، وتحت قهره ومشيئته ، { وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي : في الدنيا بالخزي والنَّكال ، وفي الآخرة بالمقامع والأغلال .

قال البخاري ، رحمه الله : حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، حدثني عَقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني حُمَيد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : بعثني أبو بكر ، رضي الله عنه ، في تلك الحَجَّة في المُؤذِّنين ، بعثهم يوم{[13242]} النحر ، يُؤذِّنون بمنى : ألا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف{[13243]} بالبيت عريان . قال حميد : ثم أردف النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب ، فأمره أن يُؤَذِّن ببراءة . قال أبو هريرة : فأذَّنَ معنا عليٌّ في أهل منى يوم النحر ببراءة وألا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان{[13244]}

ورواه البخاري أيضا : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شُعَيب ، عن الزهري ، أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : بعثني أبو بكر فيمن يُؤذِّن يوم النحر بمنى : لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف{[13245]} بالبيت عُريان ، ويوم الحج الأكبر يوم النحر ، وإنما قيل : " الأكبر " ، من أجل قول الناس : " الحج الأصغر " ، فَنَبَذَ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام ، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرك .

وهذا لفظ البخاري في كتاب " الجهاد " {[13246]}

/خ3


[13241]:- في د : "وأكبرها جميعا".
[13242]:- في ك : "بعثهم في يوم ".
[13243]:- في ك ، أ : "يطوفن".
[13244]:- صحيح البخاري برقم (4655).
[13245]:- في أ : "ولا يطوفن".
[13246]:- صحيح البخاري برقم (3177).