مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

{ وَأَذّان مّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الناس } ارتفاعه كارتفاع { بَرَاءةٌ } على الوجهين ، ثم الجملة معطوفة على مثلها ، والأذان بمعنى الإيذان وهو الإعلام كما أن الأمان والعطاء بمعنى الإيمان والإعطاء ، والفرق بين الجملة الأولى والثانية أن الأولى إخبار بثبوت البراءة ، والثانية إخبار بوجوب الإعلام بما ثبت . وإنما علقت البراءة بالذين عوهدوا من المشركين ، وعلق الأذان بالناس ، لأن البراءة مختصة بالمعاهدين والناكثين منهم ، وأما الأذان فعام لجميع الناس من عاهد ومن لم يعاهد ، ومن نكث من المعاهدين ومن لم ينكث { يَوْمَ الحج الأكبر } يوم عرفة لأن الوقوف بعرفة معظم أفعال الحج ، أو يوم النحر لأن فيه تمام الحج من الطواف ، والنحر ، والحلق ، والرمي ، ووصف الحج بالأكبر ، لأن العمرة تسمى الحج الأصغر { أَنَّ الله بَرِىء مّنَ المشركين } أي بأن الله حذفت صلة الأذان تخفيفاً { وَرَسُولُهُ } عطف على المنوي في { بَرِيء } أو على الابتداء وحذف الخبر أي ورسوله بريء ، وقرىء بالنصب عطفاً على إسم «إن » ، وبالجر على الجوار ، أو على القسم كقولك «لعمرك » . وحكي أن أعرابياً سمع رجلاً يقرؤها فقال : إن كان الله بريئاً من رسوله فأنا منه بريء ، فلببه الرجل إلى عمر فحكى الأعرابي قراءته فعندها أمر عمر بتعلم العربية { فَإِن تُبْتُمْ } من الكفر والغدر { فَهُوَ } أي التوبة { خَيْرٌ لَّكُمْ } من الأصرار على الكفر { وَإِن تَوَلَّيْتُمْ } عن التوبة أو تبتم على التولي والإعراض عن الإسلام { فاعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى الله } غير سابقين الله ولا فائتين أخذه وعقابه { وَبَشّرِ الذين كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } مكان بشارة المؤمنين بنعيم مقيم